الجريمة والعقاب. تلك هي المعادلة المنطقية التي تميز دولة الحق والقانون عن شريعة الغاب . بيد أن أطرافا وجهات معينة تأبى الا أن تدافع باستماتة عن شريعة الفوضى، وعن مبدأ البقاء للأقوى وتوفير الحماية للجناة ومجرمي الحق العام من أي متابعات قضائية.
و مناسبة القول، ما تردد في الآونة الأخيرة من احتجاجات و ارتفاع أصوات تطالب بعدم تقديم مجموعة من المتورطين في أحداث اكديم ازيك الى المحاكمة بتهم القتل والتخريب . و اذا علمنا أن جوقة الانفصاليين و السائرين في فلكها، تتزعم حملة الاحتجاجات تلك في بعض الدول الأوروبية، أدركنا خطورة هذا المسعى الذي لم يرق له أن يرى المملكة المغربية و هي تحقق خطوات هامة على درب احترام وتكريس حقوق الإنسان ، وتوفير كافة الضمانات للمحاكمات العادلة و ترسيخ القضاء النزيه في ظل إقراره سلطة مستقلة طبقا لدستور 2011.
و تأبى الجهات والأطراف المشبوهة، إلا أن تغتنم فرصة تنظيم محاكمة عادية لتشوش على هذا المسار و تجند وتشتري مدمنين على المظاهرات و هواة الوقفات الاحتجاجية بسبب أو من غير سبب في بعض العواصم، تضامنا مع شرذمة من القتلة ومجرمي الحق العام و الذين أثبتت الوقائع وقوفهم وراء سلسلة من عمليات القتل والنهب والتخريب والدمار .
ولنرجع بذاكرتنا قليلا و باختصار الى الوراء .ففي نونبر 2010 تحولت مطالب اجتماعية عادية لساكنة العيون في حق الشغل والسكن و غيرها من الحقوق البسيطة، الى اعتصام تدريجي في ضواحي مدينة العيون ، و رافق ذلك نصب متواتر للخيام بضواحي المدينة ، على الرغم مما أبانت عنه السلطات المحلية من استعدادات لتلبية المطالب .
وتبين لاحقا أن الاعتصام لم يكن سوى مقدمة لعملية محبوكة واسعة مخطط لها و مدبرة بعناية، تهدف زرع الرعب و الفوضى في ربوع الجهة. و هكذا فقد فوجئت القوى الأمنية و هي تقوم بعملها لأجل تأمين سلامة المواطنين وضمان القانون والنظام العام، في محاولاتها لانهاء حصار معتصمي المخيمات من طرف أصحاب السوابق والمهربين ،فوجئت بظهور مليشيات منظمة و مدربة - كما كشفت عن ذلك وثائق بالصوت والصورة - و هي تهاجم القوى الأمنية بالحجارة والزجاجات الحارقة وقنينات الغاز والسلاح الأبيض، في حين أن تلك القوى لم تكن مسلحة سوى بالدروع الواقية و خراطيم المياه و آليات عادية لصد الهاجمين . و انتقلت جموع المخربين الى مدينة العيون عبر سيارات رباعية الدفع تسير بسرعة مذهلة و هي تدهس في طريقها قوات الأمن، و أضرمت النيران بأماكن شتى ، ولم تسلم المصالح الحيوية ولا المنشآت العمومية و لا المؤسسات الخصوصية من خراب المهاجمين الذين كانوا مدججين بالسيوف والسكاكين، يزرعون الرعب بين السكان ويمارسون القتل و الدمار بشكل بارد وممنهج . وقد مكن تدخل السلطات العمومية من إيقاف عدد من المتورطين في هاته الأحداث الوحشية وتم احالتهم على ذمة التحقيق حتى تقول العدالة كلمتها .
أي ذريعة اذن يتحجج بها هؤلاء الذين يمانعون في عرض أولئك المتورطين في أحداث اكديم ازيك على القضاء وتقديمهم الى المحاكمة؟ اللهم اذا كانوا يخشون من انجلاء الحقيقة أمام الرأي العام العالمي ، فينقلب اذ ذاك السحر على الساحر و تنكشف خيوط المؤامرة التي حركت من وراء الكواليس مسرحية خيام اكديم ازيك ،ذات نونبر من سنة 2010 .