أخيرا خرجت جماعة العدل والإحسان بموقف " رسمي" بشأن الحرب على الإرهاب في شمال مالي، وذلك بعدما كانت سخرت أحد "الشيوخ" لإصدار فتوى في الموضوع، تستنكر ـ طبعا ـ التدخل الفرنسي، وفتح المغرب لمجاله الجوي أمام أسراب المقاتلات الفرنسية، رغم أن التدخل يتم تحت مظلة الأمم المتحدة، وبطلب من السلطة الشرعية في باماكو.
الموقف الرسمي للعدل والإحسان يفيض بالمتناقضات فالجماعة ترفض رفضا قاطعا التدخل الأجنبي في مالي، و ترفض العنف بكل مظاهره وأشكاله، وترفض الإرهاب والتطرف بمختلف مصادرهما والجهات الداعمة لها. لكنها تُقسط من حسابها، في هذا الصدد، أن أول من ينتج العنف و يمارس الإرهاب هو " تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي" علما أن القرآن الكريم يقول: " العين بالعين والسن بالسن"، وعلما أن " بادئ أظلم"، وعلما أن هذا التدخل يأتي لوضع حد لهذا العنف، وللحد من اتساع رقعة الارهاب التي بدأت تنتشر في مناطق شاسعة من شرق ليبيا إلى شمال مالي إلى جنوب الجزائر، بعد أن وجدت التربة المناسبة، و المناخ الملائم، لكي تتكاثر كالوباء القائل.
كما تسقط العدل والإحسان من حسابها أن أول الضحايا الذين سقطوا، هم المدنيون الذي نفذت في حقهم فيالق "القاعدة" الحكم بالإعدام وعلى رؤوس الأشهاد، باسم تطبيق الشريعة الإسلامية، والإسلام من ذلك برئ براءة الذئب من دم يوسف.
إن الأمر لا يتعلق بمصالح توسعية كما تزعم العدل والإحسان بل بالحد من طموح " القاعدة" في بسط نفوذها على المزيد من المناطق.
والغريب في الموقف الرسمي للجماعة أنها صفقت تصفيقا حارا حين كانت نفس الطائرات الفرنسية تقصف طرابلس وخليج سرت بليبيا، وهي اليوم تستنكر أن تتجه جنوبا لمحاربة جحافل الشباب الواقع تحت تأثير الفكر الجهادي و"الثوار" الذي يوفرون الأسلحة والذخيرة اللازمة لـ "تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي"...
رشيد الانباري.