الريصاني الحالية أو سجلماسة كما كانت تسمى في الماضي تعتبر ثاني مدينة إسلامية تشيد بالغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان.
حيث كانت عاصمة أول دولة مغربية مستقلة عن الخلافة بالمشرق والمتمثلة في إمارة بني مدرار الخارجية الصفرية ،و تضم عددا كبيرا من القصور حوالي 360 قصرا من اشهرهم القصرين السلطانيين الفيضة و أولاد عبدالحليم.واعتبر الأمازيغ و العرب و الأفارقة و الأندلسيون و اليهود نسيجا اجتماعيا متكاملا و منسجما خدم سجلماسة من ناحية الاستقرار التجاري و العمراني اما الشرفاء الحسينيون فلم يظهروا بالمنطقة حسب أغلب المصادر التاريخية إلا خلال النصف الثاني من القرن 13م عندما وصل إلى سجلماسة المولى الحسن الداخل جد الأسرة العلوية وذلك سنة 1265من منطقة ينبع بالجزيرة العربية، فاستقر بمدينة الريصاني وخلف بها ذريته منها المولى علي الشريف جد الأسرة الحاكمة و يعتبر ضريح مولاي علي الشريف و ضريح الحسن الداخل محجا مهما للسياح الذين يزورون المدينة و ذلك للتميز الهندسي والزخرفي الرائع لهده المعلمة التي علامة مهمة للأسرة التي استطاعت توحيد المغرب تحت رايتها ابتداءً من النصف الثاني من القرن 17م على يد السلطان المولى إسماعيل حيث استمرت هذه الأسرة العلوية الشريفة في الحكم إلى اليوم تحت سلطة الملك محمد السادس.
كان النشاط التجاري أهم ركائز الاقتصاد السجلماسي في مقدمته تجارة القوافل الصحراوية حيث شكل الذهب محور المبادلات التجارية وأهم الموارد على الإطلاق، ومكن ذلك من إقامة عدة دور لسك النقود واستقطاب عدد من التجار من مختلف الأصقاع،و لقد بذلت كل المكونات السياسية و الاجتماعية و الدينية التي حكمت سجلماسة مجهودات كبيرة من اجل الحفاظ على سلامة المسالك التجارية وتوفير الأمن الداخلي لضمان تدفق هذا المعدن النفيس و تجارته التي كانت تؤثر بشكل فعال في بلورة حضارة عربية إسلامية بأفريقيا جنوب الصحراء و منها دولة مالي الحالية.
سجلماسة أو الريصاني التي بنيت سنة 140ه/757م أهَّلها موقعها الاستراتيجي كهمزة وصل أساسية بين مختلف مناطق شمال أفريقيا وبلاد السودان الغربي أو ما يعرف بمالي من جهة، والمشرق الإسلامي من جهة ثانية على التحكم ولمدة طويلة في تجارة القوافل لتتبوء الرقم الصعب في التجارة العالمية،هذا الدور التجاري المتميز كان له الأثر الإيجابي على ازدهار سجلماسة سياسيا و عمرانيا إذ بسطت نفوذها على عدة مناطق من بينها درعة و أغمات و نواحي مدينة فاس و من ثم أصبحت مجالاً حيوياً مهما لكل الدول التي تعاقبت على حكم المغرب.
تعتبر الريصاني أول مدينة في المغرب يتم بها تدريس علم البيان من طرف الفقيه والعالم الشريف الحسن بن القاسم و يمكن اعتبارها المدينة النموذجية حيث قدمت الكثير للحضارة الإسلامية وساهمت بشكل فعال في بلورة الشخصية المغربية المتمسكة بأصالتها و التي تسعى إلى الانفتاح على الجوانب الإيجابية للحضارات المجاورة ارتكازا على مبادئ التسامح والتواصل مع الآخر و التشجيع على حرية المبادرة والاعتقاد و هذه خصال تعتبر أساسية في الرقي والتقدم وأثرت بشكل إيجابي على الأقطار المجاورة تأسيسا على دورها التجاري و ذلك التنوع البشري و الثقافي الشامل فلقد كانت منبراً ثقافياً لتبادل الرأي بين العلماء والمفكرين و الفقهاء على امتداد تاريخ المدينة السياسي و الثقافي و الاقتصادي المتميز.