حميد زيد
قريبا، قريبا جدا سنكشف المطبعين، لقد قالها لنا ويحمان، إن لهم أعشاشا في المغرب، والرجل يشتغل على قدم وساق ليصطادهم، تتبعه كظله مساعدته بشرى إيجورك، لتضع كل مطبع يسقط من الشجرة في سلة، قبل تقديمهم إلى المحكمة.
المطبعون كثر في المغرب، ويختبئون في الأشجار التي يبنون فيها أعشاشهم، لكن بزيز وويحمان وباقي هواة القنص لهم بالمرصاد، وحين سيقبضون عليهم ويطلقون عليهم الرصاص، سيقدمونهم لنا على طبق لنريشهم ونقص أجنتحتهم ونطبخهم.
لا يمزح ويحمان، إنه رجل جدي ومناضل، وقد قال إن له لائحة أولى، وقريبا سيفضحهم، لكن ويحمان يحب التشويق، وسيقدم لنا مطبعا في السنة، واحدا لا غير، لنسحله في الساحات.
لقد رصد كل المطبعين، ونحن نتفهم صعوبة كشفهم دفعة واحدة، ولو فعل ذلك وأرضى جشعنا، ماذا سيفعل ويحمان وبزيز بعد ذلك، أي مهنة أو هواية سيزاولانها، وأي قضية سيدافعان عنها، ونحن لا نتمنى أن يظلا عاطلين عن العمل، بعد أن عثرا على هذا الشغل بمشقة بالغة.
القضايا قليلة في هذا الزمن، لم يعد المرء يعرف على من يدافع في العراق وسوريا والشيشان وفلسطين، لقد اختلط الحابل بالنابل، والمسلمون في بورما بعيدون، لذلك لا بأس أن يتسلى المناضلون العاطلون عن العمل بقضية التطبيع، ولا بأس أن نتسلى معهم ونطارد نحن أيضا المطبعين.
لقد قبضوا قبل أيام على فيلم وثائقي جميل ومؤثر يدعى تنغير جيروزاليم، حيث صوب نحوه القناص ويحمان رصاصة، ليقع من أعلى الشجرة ويتشتت عشه قبل أن يعرض ويفقص، وهذه مجرد خطوة أولى، فالإخوة الذين يناهضون التطبيع لا يمزحون، وقد اجتمعوا في ما بينهم، وانتخبوا رئيسا ومكتبا وشكلوا لجانا.
إنها فكرة رائعة أن نقبض على المطبعين، لكن من الأفضل ألا تقبضوا عليهم دفعة واحدة، وواجب التضامن يفرض علي أن أنصحكم بألا تفعلوا ذلك، فالشغل غير متوفر في المغرب، والخوف كل الخوف أن ينقرض المطبعون، ولا تجدوا شيئا تملأون به أوقاتكم، قوموا بذلك على مهل، ولا تطلقوا كل الرصاص الذي في جعبتكم.
أتفهم مهنة النضال، وأقدر أولئك الذين يحصلون على التقاعد في سن مبكرة، يبحثون عن قضية ولا يعثرون عليها، ولأنهم مناضلون فهم يرفضون لعب الورق ومشاهدة التلفزيون والأفلام، لكن المشكل أن إسرائيل لم تعد مهتمة بمن يطبع معها، وعلى ويحمان أن يدفعها إلى ذلك، وأن يناضل ويغمز نتانياهو بأن يغري المغاربة كي يطبعوا، كي يجد أشخاصا يلقي القبض عليهم ويفضحهم أمام الملأ، وكي يشتغل ويشعر أنه يؤدي مهمة نبيلة.
لا أحد في الصحافة أخذ مرصد ويحمان ومن معه على محمل الجد، ولا أعرف لماذا لم يعد الإعلام يؤدي دوره، على الأقل كان علينا أن نقترح عليهم قضية أخرى كي يناضلوا من أجلها، أي قضية، المهم أن يضعوا كوفية فلسطينية ويجتمعوا، لأن الفراغ يقتل، ولذلك وتضامنا مني معهم، وبعد أن يسقطوا كل المطبعين، أقترح عليهم أن يؤسسوا جمعية جديدة، للدفاع عن أكلة السخينة المغربية اليهودية اللذيذة، إنها آيلة للانقراض، ولا الدولة ولا المجتمع المدني ولا الأحزاب ولا شميشة يهتمون بها، شرط ألا يتهم أحد من يتلمظ وهو يأكلها بالتعامل مع الكيان الصهيوني.