أجج السماح للطائرات الفرنسية باستخدام المجال الجوي للمغرب للوصول إلى مالي في سياق الحرب على الإرهاب، الذي نما في شمال هذا البلد، بعد أن تمكنت "القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي" من بسط نفوذها على هذا الجزء مستغلة الارتباك الذي عرفته مالي بعد محاولة انقلابية فاشلة، ( أجج) سوق الفتاوى، وفتح الباب على مصراعيه لفقهاء " الظلام" من أ جل ممارسة الإفتاء، علما أن المجلس العلمي الأعلى هو المؤسسة المختصة للقيام بهذه المهمة.
آخر صيحة في هذا الإطار هي فتوى الشيخ بن سالم باهشام، عضو الهيأة العلمية التابعة لجماعة العدل والإحسان، ورئيس جمعية الهداية القرآنية لتدريس العلوم الشرعية، الذي اعتبر أن فتح المجال الجوي عمل "غير جائز شرعا ولا قانونا أيضا".
ولم يقدم هذا "المفتي" أي سند شرعي يستدل به على صحة فتواه، لكنه مع ذلك اعتبر أن الملك باعتباره أميرا للمؤمنين، حسب الدستور، هو "حامي حمى الملة والدين"، وبالتالي هو "المسؤول الأول عن حماية حدود البلاد في برها وبحرها وجَوها".
هذا كلام صحيح، وكلام حق يراد به باطل، لأنه يتناسى عن قصد أو عن جهل أن إمارة المؤمنين هي المرجع الشرعي الوحيد والحصري في كل ما يهم الأمة في حياتها الدينية.وقد كرّس الدستور الجديد دور العلماء للنهوض بمهامهم المعتادة بحضورهم في المؤسسات الدستورية ( المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه أمير المؤمنين)، وخول لهم مهمة الإفتاء، التي يتطاول عليها اليوم هذا الشيخ.
إن رعاية الثوابت في السياق السياسي للأمة جاء تكريسها وتعميقها في الدستور الجديد، ولا سيما من خلال:
أولا: إمارة المؤمنين. ثانيا: مهام العلماء ( المجلس العلمي الأعلى). ثالثا: عدم جواز تأسيس التنظيمات المؤطرة للمجتمع على أساس ديني (كما في حالة العدل والإحسان)، وهو الثابت الذي يسعى شيوخ السلفية الجهادية و"مفتي"العدل والإحسان إلى القفز عليه.
إن فسح المجال الجوي أمام المقاتلات الفرنسية يدخل في باب درء المفاسد وجلب المنافع. و لا يختلف اثنان أن الإرهاب مفسدة، والقضاء عليه منفعة.