لا شك أن ثمة خيط رفيع يمتد من المحيط إلى الخليج بدأ يتبيّن مع بداية التدخل العسكري الفرنسي بشمال مالي، الذي تُسيطر عليه فلول "القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي".
في الأول كان مجرد رد فعل صادر عن شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب ( أبو حفص، الكتاني والحدوشي) ثم سايرهم في هواهم الشيخ محمد عبدالرحمان المغراوي أحد أحصنة الفكر الوهابي بالمغرب، ثم انتقلت العدوى من الأشخاص إلى التنظيمات، حيث أصدرت حركة التوحيد والإصلاح ( الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة) بيانا تعلن فيه رفضها للتدخل الفرنسي، قبل أن يدخل الرئيس المصري محمد مرسي على الخط، وينضم إلى جوقة المفتين.
كل هذه الفتاوى لم تقدم أي تحليل منطقي يقوض الفرضية التي يتأسس عليه هذا التدخل العسكري، والتي تقوم على ضرورة استئصال الورم الإرهابي الذي يكبر يوما بعد يوم، والذي وجد في فيافي الصحراء الشاسعة مجالا خصبا للتفريخ، وكل ما تستند إليه هذه الفتاوى هو عدم جوار استعانة بـ " الكافر" في محاربة " المسلم"، بالرغم من أن الكافر الحقيقي بالقيم الإنسانية النبيلة ومبادئ الديمقراطية هو من يسفك دماء الناس بالباطل، ويسعى إلى إقامة الحدود، ليس حدود الله طبعا، بل حدود الدولة الإسلامية المنشودة أو الموعودة، ولو على أشلاء القتلى وجثث الأبرياء.
وما يغيب عن هؤلاء المفتين، الذين هدد زعيمهم الشيخ القرضاوي، بفضح كل الدول التي تساهم في هذا المجهود الحربي للقضاء على فلول "القاعدة"، هو أن الإرهاب "ملة واحدة" مهما اتخذ من ألوان أو غيّر من لباس، وبحث عن المصوغات التي تبيح له اقتراف الجرائم.
وإذا كان موقف شيوخ السلفية أو الوهابية مفهوما، إلى حد ما، فإن موقف حركة التوحيد والإصلاح يكتنفه الكثير من الغموض، خاصة في ظل التزام الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الصمت إزاء موقف جناحها الدعوي.
إنها أولى ثمار الربيع العربي، الذي جاء بموجة الإسلاميين إلى الحكم، وأولى ثمار هذا الربيع التي أينعت هي هذه المساندة اللامشروطة لـ " القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي"، والتصريحات والبيانات التي تتدفق ضد التدخل العسكري للقضاء عليها.
رشيد الانباري.