بوحدو تودغي.
لم يكن مولاي هشام موفقا في ضمان معقولية قياسه بين الملكيات العربية. وقد وقع مولاي هشام في وهم الاشتراك اللفظي، مما دفعه لاعتماد القياس الاسمي حيث يجمع بين الملكيات اسم الملكية لكن ما يفرق بينهما ليس بالهين، سواء من حيث تبني الخيار الديمقراطي أو الشروع في الإصلاحات.
ونستعرض بداية أهم النقط الواردة في مقاله بلوموند ديبلوماتيك لشهر يناير الجاري، قبل أن نقوم بنقضها نظرا لهشاشة التحليل الذي قام به مولاي هشام، والذي أظهر غباء منقطع النظير في رؤيته للربيع العربي، حيث حاول نفي العديد من الأطروحات عن الثورات رغم أن عنوان الصفقة أصبح لازمة يرددها حتى من وقف وراءها. وكان عنوان مقاله: الملكيات العربية/ هل هي الهدف المقبل للثورات؟
قال مولاي هشام إنه رغم عدم سقوط أي ملك حتى الآن، فالأنظمة الملكية تعتبر خاسرة بسبب ما ينتظرها من احتجاجات مستقبلية وأن الربيع العربي هو مسلسل سياسي مستمر زمنيا وليس محدودا، وهذه الاستمرارية هي التي ستجعله يغير الكثير من المفاهيم السياسية ويحدث تغييرات لم تكن مرتقبة لأن الفاعلين هذه المرة منبثقين من الشعب وليس من هياكل سياسية متواجدة سابقا وذات مصالح.
ويرى مولاي هشام أن احتواء الربيع العربي من قبل الأنظمة الملكية في العالم العربي وفي مقدمتها البحرين مؤقت، وعندما يتحدث عن المغرب يبرز دور ما أسماه التظاهرات الكبرى التي دفعت الملكية إلى مراجعة الدستور نحو إصلاحات يصفها بالمحدودة والتي عملت على تهدئة نسبية للأوضاع لكن غياب إصلاحات عميقة ينذر بغد متوتر. وحول الملكية السعودية التي تهيمن على المجتمع، يؤكد سعيها توظيف موارد البلاد في التنمية في محاولة لاحتواء مطالب الإصلاح الجذرية.
ويرى أن الصراع الحالي بين العائلة الملكية في الكويت والمعارضة قد يكلف آل الصباح كثيرا في حالة غياب إصلاح حقيقي. ولا يقل وضع الملكية الأردنية عن باقي الملكيات، فهي تواجه معارضة متصاعدة تطالب بعدالة اجتماعية حقيقية وينقذها حتى الآن الملف الفلسطيني.
وأوضح مولاي هشام أن الأنظمة الملكية من خلال عدم المبادرة بإصلاح سياسي حقيقي، تعمل على تبذير فرصة ذهبية للتأقلم مع مطالب شعوبها وتسير نحو مستقبل من الصراعات وغياب الاستقرار قد يكون مفاجئا للبعض منها، وذلك في إشارة إلى سقوط بعضها.
نشير بداية إلى أن المقال المطول لمولاي هشام اعتمد طريقة التوصيف التي يمكن أن ينجزها أي طالب مبتدئ أو أي صحفي متابع للتحولات في العالم العربي، ولم يعتمد أي معايير معتمدة في القياس والتقييم، وربما ألهته أشياء كثيرة عن تعلم أدوات القياس والتقييم.
لا يمكن اعتماد القياس الاسمي في هكذا موضوع، حقيقة أن الأنظمة الملكية تشترك في العنوان لكن تختلف في الموضوع. فهي ملكيات لكن فيها أنظمة مختلفة، وهنا مكمن سقوط مولاي هشام في الوهم. فجمع الملكيات في خانة واحدة فيه تعسف علمي غير مقبول ممن يقدم نفسه على أنه هشام بن عبد الله العلوي الباحث في جامعة ستانفورد وعضو معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية.
الخطأ الأول لمولاي هشام يتعلق بالأداة والوسيلة المستعملة في القياس، ألا وهي الاشتراك الاسمي، حيث أن المقارنة هنا ممنوعة على المتتبع العادي فبالأحرى من يقدم نفسه باحثا في كبريات الجامعات والمعاهد، كيف يمكن قياس ملكية المغرب على ملكية السعودية وإمارات قطر والكويت، ففي الثانية ما زالت المرأة تناضل من أجل سياقة السيارة في حين تمكنت المرأة المغربية سنة 1956 من أن تصبح ربان الطائرة ويتعلق الأمر بثرية الشاوي. في المغرب هناك نظام انتخابي عمره نصف قرن ويتطور مع الزمن وفي الدول المقارنة هناك مجالس معينة. وفي المغرب حرية التعبير مضمونة في حين يحكم على شاعر انتقد النظام بالمؤبد في الدول المعنية.
الخطأ الثاني الذي ارتكبه مولاي هشام هو المقارنة بين ملكيات وكأنها ثابتة، وهو يعرف أن المغرب عرف تحولات جذرية منذ النصف الثاني من القرن الماضي، تحولات شملت القوانين والسلوك وشملت مراكز اتخاذ القرار، فهناك تطور جوهري يتداخل فيه الشخصي بالموضوعي فلكل مرحلة أسلوبها. فكل هذه التطورات تمنع الباحث من الاعتماد على القياس الاسمي.
والخطأ الثالث يتعلق بمولاي هشام نفسه، الذي عاش بعيدا عن بلده كثيرا، وبالتالي أصبح يجهل الكثير عنه معتمدا كتابات بعض المحسوبين عليه والذين يغلب عليهم طابع مناهضة الإصلاحات الجذرية، وبالتالي فإن من يسمى الباحث يقدم تصورا مغلوطا عن بلده للآخر، وهو خطأ ناجم عن ضعف الخبرة والتدريب في مجال القياس.
فإذا استمر مولاي هشام في هذا النوع من القياسات غير المقبولة سينطبق عليه قول إبليس "خلقتني من نار وخلقته من طين" وهو قياس بين نوعين لا رابط بينهما، وعليه أن يتحول إلى تعلم أنواع القياس المنطقي حتى لا يسقط في هذه المطبات ليخرج في النهاية بمقال توصيفي ملئ بالمغالطات.