رغم أن "قافلة" محمد عبادي، أمين عام العدل والإحسان، بعد اختفاء لقب المرشد العام، التي أبت الجماعة أن تبقيه حكرا على الشيخ عبدالسلام ياسين، رحمه الله، تقطع الطريق السيار وجدة ـ الرباط والرباط ـ وجدة، بكل حرية، فقد عمد الذراع الحقوقي للجماعة تنظيم قافلة تضامنية لما يُسمى " البيوت المشمعة"، والتي هي في الحقيقة مقرات مشمعة، كانت تمارس فيها الجماعة المحظورة أنشطها تحت غطاء أنها بيوت، علما:
أولا: أن فتح المقرات يحتاج إلى التوفر على وصل إيداع قانوني، وأن عنوان المقر يتم التنصيص عليه في القوانين الأساسية للحزب أو النقابة أو الجمعية، ويتم إشعار السلطات المختصة بأي تغيير يطرأ عليه، وهو ما لا يتوفر في العدل والإحسان، التي قررت أن تعمل خارج مساطر الشرعية المنصوص عليها في ظهير الحريات العامة.
ثانيا: أن محمد عبادي لم يجد نفسه في الخلاء بمجرد أن تم تشميع هذا المقر في سنة 2006 بناء على حكم قضائي، وهو ما يؤكد أن هذا البيت كان في الحقيقة مقرا، لأن المقرات، في نهاية المطاف، هي بيوت أو شقق أو فيلات، ولا يهم اختلاف التسميات و الأحجام و المواقع و المدن.
وما يُفهم من هذه القافلة، التي لم تنطلق كلها من الرباط، ولم تصل كلها إلى وجدة، أن العدل والإحسان تريد أن تعود إلى الواجهة، وأن الأمين العام الجديد يبحث عن موقع، في خضم الفراغ القاتل الذي خلفه رحيل الشيخ عبدالسلام ياسين من جهة، وأن الجماعة تريد أن تحجب شمس العلل التي تنخرها بمثل هذا "النشاط".
فمنذ انتخاب مجلس الإرشاد الحالي، برزت في صفوف العدل والإحسان عدة تيارات، أدركت بحكم انتمائها للجماعة أن ثمة مؤامرة تُحاك، ضد الشيخ عبدالسلام ياسين، الذي انقطع أعضاء المجلس عن زيارته، وضد ابنته نادية، حيث دفع فتح الله أرسلان، ومن يدور في فلكه، في اتجاه إقبار "هيئة الزائرات"، التي كانت تقودها نادية، وتتمتع بالاستقلال المالي، مما ترتب عنه تقديم عدة عضوات، خاصة في الأقاليم الجنوبية، لاستقالتهن. ولم تفلح مساعي مجلس الإرشاد في ثنيهن عن هذا القرار. كما ظهر تيار "حركة أشبال جماعة العدل والإحسان لنصرة الصحبة"، والذي يدعو إلى العودة إلى الأساس الحقيقي الذي قامت عليه الجماعة، وهو مبدأ الدعوة على أساس الصحبة كما رسمه المرشد العام في كتابه " المنهاج النبوي"، وذلك بعد أن اختار مجلس الإرشاد أو "الجماعة الضالة" كما يصفها الأشبال، الخروج عن هذا الخط من أجل الوصول إلى مآرب دنيوية زائلة.
وتصطدم محاولة العودة إلى الواجهة بحالة الانفصام التي تعيشها الجماعة، وهو ما يظهر جليا من خلال الشعارات التي ترفعها والتي سرعان ما يكذبها الواقع، وإلا فما معنى أن تتعمد العدل والإحسان تنظيم قافلة من دون أدنى انضباط للقانون، فتعمد إلى "كراء" حافلة، من دون أن تلجأ إلى إتباع المساطر المعمول بها في هذا المجال، وهي المساطر التي تخضع لها حتى الرحلات المدرسية التي تنظمها المؤسسات التعليمية في فصل الربيع...
العدل والإحسان بهذا المعنى لا تريد إحراج الحكومة " الملتحية" لأنها تتقاسم بعضا من الأفكار، ولا تريد أن تظهر بمظهر المظلوم، ولكن تريد أن تستعرض القوة، وتقول للجميع إن عضلاتها ما تزال مفتولة رغم رحيل عقلها المدبر.