في يونيو من سنة 2012 أتم مهرجان حب الملوك دورته الثانية والتسعين الذي ينعقد كل سنة بمدينة صفرو المدينة التاريخية وتعرف مدينة صفرو بمهرجان حب الملوك الذي ينظم عادة مرة كل سنة خلال نهاية ثاني أسابيع شهر يونيو و الذي يتزامن مع نهاية موسم جني فاكهة الكرز احتفال احتضنته المدينة ابتداء من سنة 1919 احتفاء بهذه الفاكهة التي تنتجها أرض صفرو الطيبة المتميزة، وقد بلغ المهرجان الذي يستمر لثلاثة أيام متواصلة من الاحتفال بتتويج ملكة حب الملوك في جو من البهجة ، ويتم انتقاؤها من بين أجمل الفتيات المرشحات من المدينة أو خارجها وتبقى ملكة الجمال محتفظة بتاجها إلى الموسم المقبل حيث تقدمه لملكة أخرى.
إدريس الثاني مؤسس الدولة الادريسية و عاصمتها مدينة فاس العالمية هو من أطلق مقولته المشهورة سوف نرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس ،من هذه المقولة المركزة و المكثفة دلالات حيث أن مدينة صفرو قد تأسست بوقت طويل قبل مدينة فاس،و كانت مدينة بعكس فاس التي كانت مجرد قرية فصفرو إذن مدينة تضرب جذورها في تاريخ المغرب العريق و الغني.
مدينة صفرو التي تقع في طريق استراتيجي بين سجلماسة و تافيلالت و الاتجاه نحو البحر الأبيض المتوسط على بعد ثمانية وعشرون كيلومترا جنوب شرق مدينة فاس، انه موقع تجاري بامتياز كان من الحكام الذين تداولوا على حكم المغرب عبر العصور أن يحافظوا على هدوئه و استقراره و تحقيق الأمن في محيطه بفضل الطريق التجاري الذي مثلته المدينة فقد استقر بها بعض التجار اليهود، الذين جاؤوا من واحات الجنوب المغربي، فشيدوا بها ملاحا لا زال قائما إلى يومنا هذا اضافة الى مرافق تجارية اخرى.
الاسم الأولي للمدينة هو أصفراو و ليس صفرو وعند تتبع المعنى نجد أن الاسم أمازيغي ومعناه "منطقة مقعرة"،هذه المدينة التاريخية مساحتها الصغيرة لم تلغي مكانتها العظيمة و عراقتها وأصالتها تاريخيا ، أناسها طيبون تشربوا سماحتها و توازنها أما عمرانها فطابعه سهل أما أسوارها فشاهقة من اجل التصدي للغارات والهجوم الخارجي. إنها ارض الصلاح و الفلاح فهي حامية السلام خير دليل على حب هذه المدينة الوفية للحياة و التسامح مجمع الديانات الثلاث الإسلام و اليهودية و المسيحية إنها مدينة التسامح بامتياز وصفها الملك الراحل الحسن الثاني بأجمل مدينة في المغرب أو"أورشليم الصغيرة" كما سماها اليهود و حديقة المغرب حيث أطلقها عليها الفرنسييون.
مدينة صفرو المتميزة في كل ما تملكه من ثروة طبيعية وبشرية تألقت و احتفلت يوم 10012013 بتصنيف منظمة اليونيسكو "مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو" ضمن لائحة التراث الثقافي اللامادي العالمي بعد مضي ستة أشهر على تصنيف مدينة الرباط كعاصمة حديثة ومدينة تاريخية ضمن التراث العالمي لليونيسكو في الدورة 36 للجنة التراث العالمي المنعقدة بسان بيترسبورك بروسيا في يونيو 2012 ،أيضا بعد ساحة جامع الفنا بمراكش وموسم طانطان وفن الصقارة والحامية المتوسطيةبمدينة بشفشاون،و تعتبر هذه الاعترافات الدولية انعكاس لالتزام المملكة المغربية بضمان حماية وتأهيل تراثها الثقافي المتنوع و التي تسعى إلى دفع قاطرة التنمية المستدامة.

حيث نضم المجلس البلدي بتعاون مع وزارة الثقافة و الجماعة الحضرية لمدينة صفرو و عمالة إقليم صفرو و جمعية حب الملوك هذا البرنامج الاحتفالي كالتزام من وزارة الثقافة والمجلس الحضري لمدينة صفرو والسلطات المحلية وكذا جمعيات المجتمع المدني بالحفاظ على الموروث الثقافي اللامادي لإقليم صفرو من خلال الحفاظ على هذا المهرجان وكل الفنون والعادات المرتبطة به،حيث تضمن ملف الترشيح إحداث متحف ومركز للتوثيق،و كان الحضور مكثف و متنوع حيث تم استقبال الضيوف الرسميين في قاعة المؤتمرات المحافظة على أناقتها و زخرفتها الأصيلة فبلدية صفرو تعتبر أقدم بلدية في المملكة حيث أنشئت سنة1913 .

انطباعات بعض الحاضرين تراوحت بين مهتم بمعرفة أكثر حول هذا التتويج لمدينته و آخرين تعاملوا مع الحدث باهتمام بالغ حيث أنهم عبروا على أن مهرجان حب الملوك العريق كان يجب أن يكون الاحتفاء به منذ مدة طويلة لكن حسب قولهم إن أبناء البلد لم يكونوا مهتمين بتسويق هذا المنتج القيم أي أن البضاعة جيدة و البائع ليست له خبرة في تقديمها.و عند سؤالنا لشريحة من المواطنين خارج قاعة البلدية هناك من لم يعرف بهذا الاحتفال بالرغم من ان اللافتات كانت منتشرة عبر المراكز المهمة من المدينة و آخرون ربطوا هذا التتويج بما ستستفيده المدينة عندما قلنا لهم بان المهرجان يدخل في التراث اللامادي علقوا و ماذا ستستفيده المدينة ماديا؟ هناك من عَبَّر على أن المهرجان بدأ إشعاعه منذ ثلاث سنوات فقط أي المدة التي دخل فيها المهرجان ضمن لائحة المهرجانات المنعقدة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس و إخراجه من النمطية التقليدية الفلكلورية إلى الصورة الثقافية العالمية التي أعطته مكانة متميزة على المستوى الوطني و القاري و كذلك انفتاحه على شريحة مهمة من الفاعلين بفضل مجهودات المجلس البلدي الذي يترأسه ابن المدينة السيد عبد اللطيف معزوز و الذي يشغل كذلك منصب الوزير المكلف بالجالية .

و لا أدل على ذلك، الحضور الرسمي الذي كان ماثلا في وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي و سفير اليابان السيد توشينوري ياناغييا،و ممثل سفير ايطاليا إضافة إلى رئيس المجلس البلدي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج السيد عبد اللطيف معزوز، و عامل الإقليم السيد عبد السلام زكار إضافة إلى السلطات المحلية و ممثلي المجتمع المدني و بعض المنابر الصحافية. حيث تدخل رئيس المجلس البلدي بإلقاء كلمة عبر فيها عن شكره للحضور و فرحه بتسجيل مهرجان حب الملوك كتراث ثقافي لامادي للإنسانية و أعلن أن ملف الترشيح تم تهييئه منذ سنة 2010 و أن هذا الطموح لبلوغ المهرجان المكانة العالمية كان كما يقول رئيس المجلس البلدي عبد اللطيف معزوز بدعم و تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس حيث ابتدأت رعايته السامية للمهرجان بشكل واضح في دوراته الثلاث الأخيرة الرعاية التي كان لها الأثر في دعم ملف الترشيح،إضافة إلى الفعاليات على مستوى المدينة و وزارة الثقافة و على المستوى الدبلوماسي و وسائل الإعلام أكد رئيس المجلس البلدي الدعم الذي بدلوه من أجل تهييئ ملف الترشيح و الدفاع عليه زائد دعم ايطاليا و اليابان رغم بعض المناورات من طرف إيران و فنزويلا اللتان عارضتا ترشيح المغرب إلا أنهما سحبا اعتراضهما حسب ما صرح به رئيس المجلس البلدي في حوار أجريناه معه على خلفية الاحتفال،و كان الإجماع من أعضاء اللجنة المختصة باليونسكو على قبول ملف مدينة صفرو.
جاء في كلمته أيضا أن هذا الإجماع يجسد أصالة المهرجان و استجابة الترشيح للشروط و المعايير المعتمدة في مثل هذه الترشيحات و اعتبار المهرجان يتوفر على مقومات التراث الثقافي غير المادي للإنسانية و الذي يعكس قيم التسامح و الانفتاح و الحداثة و ما تتميز به المملكة من مصداقية و احترام في مختلف المحافل الدولية.و لقد نوه رئيس المجلس البلدي عبد اللطيف معزوز بالدور الذي لعبه الوفد المغربي و حنكته في الدفاع عن ملف صفرو و ما أبانت عليه السفيرة الدائمة لدى اليونسكو زهور العلوي من اهتمام و رعاية إضافة إلى وزير الثقافة و مدير التراث بالوزارة،و أعلن أن مهرجان حب الملوك أصبح مِلْكَا للجميع و هذا يمثل التزاما بالمحافظة عليه و تطويره و بالخصوص من طرف الشباب.
في حين عبر عامل إقليم صفرو السيد عبد السلام زكار عن شكره لكل من ساهم في إنجاح هذا المهرجان و اعتبره منبرا للدفاع عن التعايش و التضامن بين مكونات المدينة تاريخيا و تعبيرا عن الخصوصية و الذاكرة الجماعية التي لابد من استثمارها من اجل إنعاش السياحة و الترويج للمدينة من اجل النهوض بها.
في كلمة وزير الثقافة محمد ألأمين الصبيحي أعلن انه سوف يتجاوز البرتوكولات و يخاطب الحضور بأصدقائه الأعزاء و شعوره بالاعتزاز بمعانقته لأهل المدينة الضاربة في أعماق التاريخ التي لها حمولة رمزية و خزان كبير للتراث و اعتبر أن قبول ملف صفرو في دجنبر 2012 تتويجا لعمل جبار شارك فيه الجميع و أوضح أن هذا النجاح ساهمت فيه الوزارة انطلاقا من مبدأ الشراكة التي اعتمدتها الوزارة و ما اسماه بالدبلوماسية الثقافية مع مؤسسات دولية،و أوضح في كلمته أن التعريف بالمهرجان يزيد في رصيد التنمية السياحية و العناية بالفنون و التقاليد و الترويج لفاكهة الكرز و أن هذا التصنيف يلزم الوزارة و المؤسسات المعنية بالمحافظة على التراث اللامادي للمدينة.في حين عبر رئيس جمعية حب الملوك على أن الجمعية معنية بالمحافظة على هذا المكتسب العالمي في حين عبر ممثل المجتمع المدني على أن الحدث تاريخي و ضرورة تطوير المهرجان دون المساس بطقوسهو الاعتناء بشجرة الكرز.
أما سفير اليابان السيد توشينوري ياناغييا فقد عبر عن فرحته بوجوده في هذه المدينة التاريخية و أن هذا المهرجان يعبر عن دينامية ثقافية متنوعة و رمزية كبيرة و أوضح أن ساكورا باليابانية هو الاسم الذي يطلق على أشجار الكرز الخاصة بالزينة وأزهارها في اليابان،من هذا المنطلق فاليابان تتشارك مدينة صفرو في هذه القيمة الثقافية و الزراعية و جاء في كلمته ذكر واد اكاي الذي يخترق المدينة و الجمالية التي يمكن خلقها من خلاله إضافة إلى الشلالات و ضرورة المحافظة على هذا التراث.
في نهاية الحفل الذي اختتم على أنغام موسيقى محلية و عروض لفرقة عيساوة و فرق فلكلورية أمازيغية و الطرب الأندلسي و احتفاء بملكات حب الملوك السابقة.قدم رئيس المجلس البلدي مفتاح مدينة صفرو لسفير اليابان كعربون شكر للدعم الذي قدمته اليابان لملف ترشيح مهرجان صفرو كذلك قدم عامل إقليم صفرو مفتاح مدينة صفرو لممثل سفير ايطاليا تعبيرا عن الامتنان و الشكر لدعم ايطاليا لملف ترشيح المهرجان أيضا قدم رئيس المهرجان مفتاح صفرو لكل من عامل الإقليم و رئيس المجلس البلدي تقديرا لمجهوداتهم في هذا الملف.