"الثورة" التي لم تتحقق مع عبدالقادر بلعيرج، والتي تورط محمد المرواني فيها حتى النخاع، وكلفته 20 سنة من السجن النافذ، لم ينهها إلا عفو ملكي، في إطار اختيار استراتيجي، رافق الربيع العربي، وأثمر دستورا جديدا، وانتخابات سابقة لآوانها، وحكومة " ملتحية" على رأس قمة هرم السلطة التنفيذية.
"الديمقراطية" التي لم تمنح لمحمد المرواني شرعية تأسيس حزب "البديل الحضاري"، حيث قضى القضاء الإداري ابتدائيا واستئنافيا برفض طلب التأسيس، لا لموقف مسبق من صاحبه، القريب جدا من "الاختيار الشيعي"، ولكن لكون الملف لا يملأ كافة الشروط المنصوص عليها في قانون الأحزاب.
محمد المرواني، بعد فرحة الخروج، رغم أن صديقه، الذي تكلف بإدخال السلاح، لا زال يقبع في غياهب السجن، عاد ليستحضر ماضيه، ويعلن في حوار أجرته معه " دومان " أن جميع عناصر أو مكونات أو مؤشرات موجة جديدة من الثورات قد اجتمعت في المغرب".
محمد المرواني، الذي تسكنه "الثورات" يريد أن يستنبت ثورة جديدة، ويستعين في ذلك ببعض المؤشرات ( مؤشر الديمقراطية، ومؤشر الرشوة، ومؤشر حقوق الانسان)، وهي مؤشرات يطعن المغرب في مصداقيتها، لأنها تعتمد على التقارير المخدومة التي تبعث بها بعض الجمعيات، المتخصصة في الافتراء، أما على أرض الواقع فإن المغرب قطع أشواطا طويلة، لم تقطعها تونس التي يستنجد بها سي محمد لتبرير "ثورته".
ويكفي أن الدستور الجديد لقي ترحيبا كبيرا في الداخل ( وهذا هو المهم)، وصوت عليه المغاربة بكثافة، لأنهم أدركوا بحدسهم أن ما جاء به بمثابة "ثورة" حقيقية، لا مجرد أماني لرجل يحلم بزعامة حزب.
كما يكفي أن وزراء سابقين ومستشارين برلمانيين يقبعون في السجن بسبب إهدار المال العام أو الارتشاء، وأن قضاة أحيلوا على المجلس الأعلى للقضاء بذات التهمة، وعدد من مأموري الدولة جردوا من مهامهم وسيقوا إلى المحاكمات، أحيانا، لتلقيهم 10 أو 20 درهما لا أقل ولا أكثر.
أما حقوق الإنسان، فيكفي المسار الطويل من "المصالحة والإنصاف" من أجل طي صفحة الماضي، ويكفي ما أصبح ينص عليه الدستور من سمو القوانين الدولية على القوانين الوطنية، ويكفي هذا الانفتاح الكبير على كل منْ يُعنى بهذه الحقوق...
هل هذه المؤشرات تمثل حطبا لـ "الثورة" أم أنها تكريس للاستقرار؟
رشيد الأنباري.