هشام آيت درى.
لقد اخترت للمقال هذا العنوان وأنا أطرحه بصيغة التعجب والاستغراب من الطريقة التي يدار بها السجال القائم حول مسألة الإضراب الذي أصبح عند بعض النقابات وسيلة في ظاهرها المطالبة بالحقوق وبتسوية وضعيات معينة وباطنه " ومن دون التعميم " الخلود للراحة لبضعة أيام خصوصا عندما تقترن بأيام عطلة نهاية الأسبوع، أو وسيلة لمزايدات سياسية وتصفية حسابات مع حكومة ذات توجه أو إديولوجية مختلفة ، أضف إلى ذلك أن كل من هب ودب أصبح يدعو إلى الإضرابات ولم يعد الأمر مقتصر على النقابات الأكثر تمثيلا.
ومثار الاستغراب هو - أين هو المواطن من كل هذا السجال ؟ ، فالدولة من جهة تدافع عن مخططاتها وتبرر قراراتها وتنزل برامجها، والموظفون عن طريق النقابات أو المجموعات من جهة أخرى يخوضون الإضرابات والاحتجاجات دفاعا عن حقوقهم ومطالبة بتحسين أوضاعهم أو لحسابات سياسوية ضيقة، ويبقى المواطن هو الضحية بين الطرفين .
لهذا السبب لا بد أن نثير انتباه الدولة والنقابات في آن واحد أن للمواطن وجهة نظر في كل ما يجري ، ولا بد أن نذكر أن الوضع أو الضرر الذي يرفضه موظفوا القطاع العام بخوض الإضرابات - وخصوصا بالشكل المفرط - يلحق ضررا كبيرا أيضا بعموم المواطنين الذين يتقاضى هؤلاء الموظفين أجورهم من جيوبهم ( المواطنون ). وحتى لا يستدرك علينا احد فإن ذلك لا يعني أننا ننزع عن الموظفين مواطنتهم، ولكن نذكر أن المستفيدين من الخدمات التي يؤديها هؤلاء الموظفون هم أيضا مواطنين ولهم حق الاستفادة من الخدمات العمومية التي قد يكون لتوقفها في كثير من الأحيان انعكاس على صحتهم أو عملهم أو تقاضيهم أو غير ذلك من مجالات الخدمات العمومية.
لذلك نجد أنه ليس من حق الحكومة أن تدفع من المال العام الذي هو مال عموم المغاربة أجرا عن خدمة أو عمل لم يؤدى، ونحن بذلك كمواطنين لا نحجر عن حق الإضراب ، ولكن بالمقابل نحفظ حقنا في خدمة ندفع ثمنها أو في مال لم نتلقى عليه خدمة.
وتأكيدا على تقدير حق الموظفين في الدفاع عن حقوقهم ندعوهم إلى جعل الإضراب عن العمل – وخصوصا في القطاعات الحساسة - آخر ما يتم اللجوء إليه ، وحتى إذا تم اللجوء إليه أن يكون ذلك بكيفية تضمن استمرار المرفق العمومي ودون الإضرار بمصالح عموم المواطنين والذين يكون المتضرر الأكبر منهم الضعفاء والفقراء الذين لا يملكون إمكانيات استبدال خدمة المرفق العمومي باللجوء إلى القطاع الخاص، بل يتعذر في خدمات بعض القطاعات توفر البديل كقطاع الجماعات المحلية على سبيل المثال .
ولذلك فإذا كانت الحكومة مستأمنة على حفظ المال العام وعلى خدمة المواطن ، وإذا كان من أدوار النقابات الدفاع عن العمال وعن الموظفين وحفظ القدرة الشرائية وضمان كرامة المواطن ، فنقول لهم - للمواطن وجهة نظر.