من دون بدل أي مجهود لمعرفة حقيقة ما جرى، ألقى عبدالعالي حامي الدين، رئيس منتدى "الكرامة" لحقوق الإنسان، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، باللائمة في ما وصفه بـ "الاعتداء" الذي تعرض له النائب عن البيجيدي عبدالصمد الإدريسي على الحكومة، التي يرأسها عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب "المصباح".
حامي الدين اعتمد منطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" فسارع إلى إصدار بلاغ، يجانب الصواب، ويبتعد عن الحقيقة، أكثر من ذلك ادعى أن الاعتداء وقع أمام عينه، وهو ما يعني أنه كان حاضرا في عين المكان، يتابع ما وقع من تفريق للمظاهرة التي أوقفت حركة السير والجولان في نقطة مرورية حيوية بقلب العاصمة الرباط.
وفي ما اكتفي حامي الدين بدور المتفرج، الذي حضر من أجل أن يكون شاهدا، لا أقل ولا أكثر، اختار نائبه التدخل من دون أن يمتلك الصفة التي تخول له ذلك، لأن صفة "برلماني" أو نائب رئيس جمعية " حقوقية" لا تخول لصاحبها أن يُشرعن قوانين، على المقاس، تخدم الجهة التي ينتمي إليها سواء أكانت حزبا أم نقابة أو جمعية، ولا تخدم ما هو أهم أي الحفاظ على الأمن العام.
وما حدث في هذه الواقعة أنه في يوم 27 دجنبر 2012 حوالي الساعة الخامسة والربع، قام حوالي 50 شخصا ينتمون إلى مجموعة الأطر العليا المعطلة، بتنظيم مظاهرة في الطريق العام، بقلب شارع محمد الخامس جنوب ساحة البريد بالرباط، حيث نظموا وقفة احتجاجية أدت إلى شل حركة السير شللا تاما.
احتجاجات المعطلين التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، وامتدت لتشمل "احتلال" المقر العام لحزب العدالة والتنمية "الحاكم" تعود أساسا إلى رفض الحكومة تنفيذ بنود اتفاق 20 يونيو 2011 الذي ينص على التوظيف المباشر لمجموعات حاملي الشهادات المعطلين، وهو الاتفاق الذي عطلته حكومة عبدالإله بنكيران، واعتمدت التوظيف عن طريق المباريات، وهو ما ترفضه هذه الفئة من الأطر، التي تعتبر أن ما وقعت عنه حكومة عباس الفاسي ملزم لحكومة عبدالإله بنكيران.
أمام هذا الاختناق المروري تدخل كل من نائب رئيس المنطقة الأمنية أكدال ـ حسان، عميد الأمن حميد أمغار إلى جانب قائد مقاطعة حسان حسن اجيدية، ممثل السلطات المحلية، وتوجها إلى المحتجين من أجل إخلاء الساحة لإفساح الطريق أمام سائقي العربات للمرور، وهو ما جعل بعض المتظاهرين يلجؤون إلى رشق القوات العمومية المكونة من رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة بالحجارة، من دون سبب ظاهر، مما أدى إلى إصابة ثلاثة من أفراد القوات العمومية بجروح خفيفة.
انذاك تحركت القوات العمومية من أجل إلقاء القبض على المعتدين، حيث تمكنوا من إلقاء القبض على واحد منهم، وفي تلك اللحظة بالذات تدخل شخص يرتدي لباسا مدنيا من أجل ثنيهم عن القيام بواجبهم، بمبرر أنه ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، وبأن الأطر المعطلة عن العمل لها كامل الحق في التظاهر، وأن حضور القوات العمومية ليس ضروريا، وصرخ في وجه الجميع بأن ما يقومون به "عمل همجي"، وخاطب ضابط أمن قائلا له " أنت ما عندك حتى الباك".
وعندما تدخل قائد مقاطعة حسان لتذكير هذا الشخص، الذي كان قدم نفسه على أنه النائب البرلماني باسم العدالة والتنمية، عبدالصمد الإدريسي، أن السلطات المحلية والقوات العمومية تقوم بعملها، في إطار احترام القانون، من أجل إخلاء الطريق العمومي من المحتجين، رد عليه النائب بأن بمقدوره توقيفه إن أراد ذلك، غير أن رجل السلطة واصل عمله من دون أن يرد على هذا الاستفزاز.
هذا ما حدث بالضبط، لكن الأمور تحولت، على لسان النائب البرلماني، إلى اعتداء جسدي، ومطالب بفتح تحقيق من طرف الحكومة، التي لم تتمكن من تعليم نائب ينتمي إلى أغلبيتها المصونة أن مهمة المؤسسة التشريعية هي التشريع ومراقبة عمل الحكومة، وليس التدخل في صلب اختصاصات القوات العمومية والإدارة الترابية عندما تكون تمارس مهامها في الشارع العام.