نتابع أطوار فضيحة سياسية غير مسبوقة، أبطالها مرشحون سياسيون لانتخابات جرت في مدينة العيون. معطيات هذه الفضيحة هي أن السادة المرشحين، أو البرلمانيين المفترضين سيستقلون الطائرة ويتوجهون إلى الجزائر في ضيافة الحزب الحاكم، هناك سينظمون ندوة صحافية لفضح ما يدور في بلادهم.
اختيار الجزائر لا غبار عليه، ولا يحتاج إلى علم الفلك: إنها تقلاز من تحت .. الطائرة، ويعني الفهم التالي: إننا نتوجه إلى دولة خصم على طول الخط، وهي تدعم كل نقطة سوداء في البلاد، وبالرغم من أنها آخر دولة يمكنها أن تنسب نفسها إلى دولة الحق والقانون واحترام إرادة الناخبين، فإننا إمعانا في الضد.. سنتوجه إليها، هناك سنرسل إليكم عبارات السب والشتم والتشكيك في كل ما هو داخلي.
لا يمكن أن نمزح مع الوطن، ولا أن نعتبر بأن التوجه إلى دولة تتخندق ضد مصالح البلاد، ولا سيما عندما يكون المغرب المعني هو مغرب الأقاليم الجنوبية، مجرد «غضبة» عادية، نعود منها بعد الاغتسال في .. الصونا.
الأمر خطير للغاية والتسليم به، هو التسليم بأنه يمكن أن نقبل غدا بأن تقدم الجزائر على منح الحماية لبعض المغاربة، ومنهم سياسيون ومرشحون باسم الأحزاب الوطنية.
والوطنية ستكون قاب قوسين أو أدنى من الانقراض.
ستكون لنا حماية من نوع جديد، ومواطنين لا تطالهم قوانيننا ولا أعرافنا ولا مشتركاتنا، مواطنون لهم بقعة سيادية خاصة، تسللت منها الدولة الجارة، إلى ... المسلسل الديموقراطي وإلى تدبير الشأن السياسي الوطني..
وليس بعد أن تفنى الوطنية في الحسابات السياسوية الطارئة والعابرة، مكان للندم أو للتبرير أو حتى للاعتذار، فهناك خطوط حمراء ومن لا يعترف بها، عليه أن يتحمل عواقب ذلك.
لا يمكن أن نشكك في قادة الأحزاب الذين اختار مرشحوهم هذا الاختيار، فهم مغاربة، لكن صمتهم في هذه الحالة لا يمكن أن يكون مغربيا.
والحكومة بدورها لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي، تراقب مجريات هذا الحدث، وكأن الامر يتعلق بمواطنين من دولة أخرى.
مطروح عليهم سؤال ماذا بعد التوجه إلى الجزائر ونشر الغسيل الوطني الداخلي في صحافة البلاد المتحاملة علينا؟
مطروح سؤال ما بعد القرار الخطير بوضع النفس رهن إشارة جيش بوتفليقة وحزب بوتفليقة ومخابرات بوتفليقة؟
لا نشكك في مغربية إخواننا المرشحين الغاضبين، لكن ليسمحوا لنا بأن نشعر بالقشعريرة بما ينوون القيام به، وليسمحوا لنا بأن نغضب من طريقتهم في الغضب.. وليسمحوا لنا إن لم نعتبر غضبهم كافيا للاحتضان من طرف أجهزة دول أخرى..
لهم أن يثبتوا أن مغربيتهم أكبر من هزيمة انتخابية،
ولهم أن يثبتوا أن حقهم في ديموقراطية أصغر بكثير من رمال البلاد، ومن اسم البلاد ومن عزة البلاد..
وللأحزاب التي ينتمي إليها هؤلاء المواطنون المترشحون أن يدلوهم على الخطوة الصائبة والاتجاه الصحيح، لأنه إذا طاروا إلى الجزائر فهناك أشياء كثيرة ستطير معهم!!..
هناك اليوم بلد يفتح محاكمه وإعلامه وأحزابه للغضب والصراع والقتال من أجل مواطنة كاملة.
ولم يعد زمن الماضي والصراع الدموي لكي نبرر الغياب..
أو الهروب إلى .. الشرق.
والجزائر ليست نموذجا للدولة القانونية التي يمكن من فوق أراضيها أن نغمز المغرب أو نلمزه.
ولا حتى السويد عندما يتعلق الأمر بالصراع الداخلي، وبدائرة انتخابية مهما اتسعت لن تفوق المغرب.
دائرة القلب والعقل الكبرى..
حميد الجماهري- الاتحاد الاشتراكي