لا يعفي "الانتماء" إلى 20 فبراير أي "ناشط" في الحركة من المتابعة القضائية إذا ما اقترف جريمة من الجرائم التي يعاقب عليها القانون بنص، كما لا تسقط المتابعة في حق أي كان لمجرد إلصاق هذا العنوان أو العلامة، التي أصبحت تجارية أكثر من اللازم، على الظهر، مادام مؤسسوا 20 فبراير الحقيقيون قد انفضوا منذ زمان، وتفرقت بهم السبل، لأن الإصلاحات الدستورية التي تحققت تفوق بكثير سقف الشعارات التي رفعتها الحركة عندما كانت في أوجها، قبل أن يخبو لهيبها ويتحول إلى مجرد رماد، رغم أن البعض يحاول بين الفينة والأخرى أن ينفخ في هذا الرماد إلا أنه لايجني إلا الغبار.
وبالرغم من أن مفهوم الاعتقال السياسي، لم يعد له أي محل من الإعراب في المغرب، بشهادة وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، نفسه، وأن كل السجناء هم سجناء حق عام، ولم يدخلوا السجن من أجل التعبير عن موقف، بعدما غدا بإمكان أي مواطن أن يعبر عن رأيه في إطار الضوابط التي يحددها القانون، ومن دون أن يكون هذا الرأي سبا أو قذفا أو مسا بهيئة منظمة ... بالرغم من كل ذلك فإن المرء يستغرب من إصرار البعض، على رأسهم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على المطالبة بإطلاق سراح منْ يسمونهم، ظلما وعدوانا، المعتقلين "السياسيين".
وهكذا بعد "الحاقد" برز اسم إدريس بوطارادا الملقب بـ "المقنع"، الذي ضبطته الشرطة القضائية لأمن الرباط متلبسا بحيازة "طرْف" من مخدر "الشيرا"، وأحالته على النيابة العامة بابتدائية المدينة، التي قررت متابعته في حالة اعتقال.
هذه هي التهمة التي يحاكم من أجلها "المقنع"، وليس التعبير عن رأي سياسي، ومهما ظهر من مقنعون في أزقة الرباط، فإن تلك الأقنعة ستسقط لا محالة كما في حالة سي إدريس "المقنع"، الذي سقط عنه القناع، وبدا جليا أن قناع "النضال" يُخفي خلفه قناعا آخر هو قناع "الشيرا"، وسوابق عدلية أخرى.
"المقنع" بهذا المعنى، وهذه هي الحقيقة، يُتابع بتهمة أدين من أجلها الكثيرون، سواء أكانوا نشطاء في حركة 20 فبراير أو أحزاب سياسية أو منظمات المجتمع المدني أو مواطنون عاديون.
"المقنع" لم يتعرض إلى الاختطاف، كما قد يدعي البعض، بل تعرض للاعتقال، لأن الاختطاف يكون تحت جنح الظلام، وهذا ما لم يحدث في هذه الحالة، فقد جرت عملية الاعتقال في وضح النهار، وحين توجهت زوجته إلى ولاية الأمن أخبروها أن زوجها رهن التحقيق.
"المقنع" مواطن، له ما لباقي المواطنين من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات، ولا يمكن أن يمنحه الانتماء إلى حركة 20 فبراير الحصانة أو الامتياز القضائي.