اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبدو أنه يكرر في نهجه مع الأزمة السورية، نفس الأخطاء التي ارتكبها سلفه جورج بوش إبان فترة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والتي أشعلت المنطقة بدلا من تهدئتها.
وأضافت الصحيفة الأمريكية - في تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الاحد - أن الأخطاء التي ارتكبها فريق إدارة بوش في مرحلتي التخطيط قبل الحرب وإعادة الإعمار في العراق، يبدو أن إدارة أوباما تكررها واحدة تلو الأخرى. وتطرقت الصحيفة إلى الحديث عن الاستخبارات كأول هذه الأخطاء، حيث في الوقت الذي بدأت فيه الإنتفاضة السورية لم تكن تعلم وزارة الخارجية الأمريكية سوى القليل عن الجيش السوري الحر.
وتابعت " إن اندلاع الثورة السورية اكتنفه عنصر المفاجأة بالنسبة لوزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إي) على حد سواء، وبين عشية وضحاها، أصبح تحديد هوية المعارضين السوريين على قائمة الأولويات بالنسبة لكليهما".
ورأت الصحيفة أن الرئيس أوباما يبدو وكأنه لم يدرك حتى الآن أن هناك بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط والتي تلعب دورا هادما في الحرب الأهلية السورية، كما كان الحال في العراق، حيث اعتقل الجيش السوري الحر عشرات الأفراد من الحرس الثوري الإيراني ممن تظاهروا بأنهم من الزوار.
وتناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تشكيل مجلس المعارضة السورية، الذي أشاد أوباما بشموليته، والذي يبدو أنه تكرار آخر لأخطاء بوش في المزج بين ديمقراطية العملية وديمقراطية النتيجة، فالغريزة التي تشمل تعزيز الديمقراطية في كثير من الأحيان هي غريزة خاطئة، فبعض الجماعات تسعى لركوب موجة الديمقراطية فقط بقدر ما يناسبهم، ومن ثم العودة إلى بنادقهم.. مشيرة إلى أنه في بعض الأحيان، أفضل سبل إرساء الديمقراطية هي التهميش، وليس الإندماج.
وشددت الصحيفة على أنه يتعين على فريق أوباما أن يدرك أيضا أن الحرب التي عصفت بالعراق كان لها تأثيرها على سوريا، حيث أدت إلى تورط القوات الحكومية والميليشيات غير النظامية في عمليات التطهير الطائفي، كما حدث في البوسنة والعراق.
ونوهت إلى أنه برغم من المزيج العرقي والطائفي الذي تشهده سوريا من علويين وسنة وأكراد، يبدو أنه ليس هناك أي تخطيط واضح طويل الأمد لمستقبل سوريا.
وحذرت الصحيفة من أن ما يحدث في سوريا في الوقت الراهن لن يظل داخل البلاد فقط، بل إن تأثيره سيمتد ليشمل سائر أرجاء المنطقة، فمن ناحية سينزح المسيحيون خوفا من صعود التيار الإسلامي المتشدد إلى لبنان، الأمر الذي سينقلب على إثره التوزان الطائفي هناك، وهناك العراق الذي يخشى أن تتحول سوريا إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة، الأمر الذي قد يشعل العنف الطائفي في بلادهم، إضافة إلى الأتراك الذين يخشون إنفصال العلويين الأتراك في إقليم هاتاي والقومية الكردية في كافة النواحي.
وشددت الصحيفة على أنه يتعين على أوباما أن يخطط للأسوأ بشأن مستقبل سوريا، معتبرة أن هذا المستقبل قد يتصاعد فيه حدة الصراع طويل الأمد، لاسيما في ظل التنافس على الوصول إلى سدة الحكم، مشيرة إلى أن الإطاحة بالأسد ستكون نهاية البداية وليست بداية النهاية، فالتحديات الحقيقية ستبدأ فور سقوط الدكتاتور.