لم يخف الكثير من السياسيين إعجابهم بالنموذج المغربي، الذي كان سباقا لاستيعاب التغيرات التي عرفها العالم العربي، بفعل رياح الربيع العربي، التي لا تزال تقتلع أشجار عدد من الأنظمة، و تهز أغصان أخرى نمت في ظل هذه العواصف، بعنف، كما يحدث اليوم في مصر وتونس.
في مصر عاد المصريون لرفع شعار "ارحل" في وجه الرئيس مرسي، الذي وضع دستورا يؤسس لـ " خونجة" الدولة، ويجعلها رهينة لفكر الإخوان المسلمين.
وفي تونس تعرض الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، للرشق بالحجارة أثناء تخليد الذكرى الثانية لاندلاع الثورة، التي لم تنتج إلا مليشيات تطوف على الفنادق والحانات لتخريب محتواها، فأصبحت المنتجعات السياحية التي كان يقصدها الأجانب من كل حدب وصوب، خاوية على عروشها.
وفي ليبيا تحولت معسكرات تدريب "الثوار" إلى مرتع لتخريج فلول المتشبعين بفكر القاعدة الإرهابي، الذين تدفقوا كالسيول إلى شمال مالي من أجل إقامة دولة "الخلافة".
أما المغرب، فقد استوعب التغييرات مبكرا كما قال عبدالفتاح سيف المستشار السابق للرئيس المصري في محاضرة ألقاها بكلية الحقوق بسلا، مؤخرا، واعتبر أن هذا النموذج ينبغي أن يحتذى، ونصح الملكية في الأردن وفي دول الخليج بالسير على النهج الذي سار فيه المغرب.
وحين يصدح المستشار بهذا الكلام فليس من باب المجاملة، وإنما من باب الاعتراف بعمق التحولات التي عرفها المغرب، وهي التحولات التي نوه بها الكثيرون كخالد مشعل رئيس الدائرة السياسية لحماس... لكن ما يتم تغييبه أثناء الحديث عن هذه التجربة أن المغرب داخل في مسلسل طويل من الإصلاحات منذ أن أفلت من نظام الحزب الوحيد، وهي إصلاحات كانت تعرف مدا وجزرا في كل مرحلة تاريخية، لكنها كانت تتقدم إلى الأمام، كل مرة.
وحين خاطب الملك محمد السادس المغاربة في 9 مارس 2011 فلم يكن يستبق بقدرما كان يواصل تعميق المفهوم الجديد للسلطة، الذي أعلن عنه في خطاب بالدارالبيضاء في أكتوبر 1999