التمثيلية الرمزية للنساء في الحكومة "الملتحية" ليس محض صدفة، بل اختيار صلب، ينطلق من قناعة "البيجديين" أن المكان الطبيعي للمرأة هو البيت.
وطبعا عندما صوت المغاربة على دستور فاتح يوليوز فقد صادقوا على نص جديد، يحدد بوضوح سلط وصلاحيات ومهام الملك واختصاصات رئيس الحكومة، الذي أصبح بمقتضى الدستور يتحمل مسؤولية "صناعة" الأغلبية، واقتراح أعضاء فريقه الحكومي.
وحين أفرزت صناديق الاقتراع في انتخابات 25 . 2011 فوز حزب العدالة والتنمية، فإن الملك محمد السادس عين تلقائيا الأمين العام لحزب "المصباح"رئيسا للحكومة بدون أدنى تردد، ولم تتدخل أي جهة كانت من أجل قص لحى صناديق الاقتراع، لأن المغرب اختار الوضوح، والديمقراطية لا تخشى من صعود إسلامي أو اشتراكي أو يمني أو ليبرالي إلى الحكم، والملك يحترم إرادة الناخبين ويحميها.
واليوم تأتي الوزيرة بسيمة الحقاوي، المرأة الوحيدة في التشكيلة الحكومية، لتسوق تفسيرا غريبا لغياب تمثيلية للنساء في حكومة بنكيران بإرجاع ذلك إلى غياب"الترميم الملكي"، ناسية أن الملك حكم وليس طرفا، وأن الدستور الجديد أسند أمر اقتراح أعضاء الحكومة إلى رئيس الحكومة، وأن على رئيس الحكومة أن يتحمل مسؤولية اختياراته، ولقد اختار بنكيران امرأة وحيدة لعضوية الحكومة، وكان على قيادة حزبه وقيادات أحزاب الأغلبية أن تُنبهه لذلك.
بسيمة الحقاوي تريد اليوم أن تبرر هذا شرخ في جدار الحكومة بعدم تدخل الملك لترميمه، وتنسى أن الترميم يأتي بعد استكمال البناء، وظهور الشقوق على الجدران، وليس خلال مرحلة وضع الأساس.
بسيمة الحقاوي تنسى أن "إبعاد" النساء كان متعمدا وعن سبق إصرار وترصد، و بمقدور رئيس الحكومة اليوم وأغلبيته أن يُرمم الجدار الذي بناه لوحده، من دون حاجة إلى إقحام الملك، الذي منح النساء مكانة متميزة في الدستور الجديد، غض عنها الطرف عبدالإله بنكيران بمبرر أن الدستور لا زال في طور التنزيل.
بسيمة الحقاوي تنسى أن إقصاء النساء لم يكن تحت الضغط أو الإكراه، وإنما نابع من قناعة راسخة لدى الحكومة"الملتحية" تستند على مرجعية سلفية لا ترى في المرأة إلا وعاء للذة، و رحما للإنجاب.
بسيمة الحقاوي تنسى أن الدستور الجديد واضح جدا، يحدد بوضوح الأسس التي تقوم عليها الدولة، فلا حاجة إذا إلى الارتداد إلى الوراء، واللف والدوران من أجل تبرئة عبدالإله بنكيران من تهميش النساء.