لأنها تشترط الثروة و«النسب المشرف»
أسر قررت أن تقف حجر عثرة في طريق بناتها نحو دخول القفص الذهبي، من خلال رفضها لكل عريس يتقدم لخطبتهن. كان البحث عن الثروة دافعا أساسيا لدى بعض هاته الأسر لحرمانهن من حقهن في الارتباط، بينما كان البحث عن المكانة الاجتماعية المستمدة من نسب العريس السبب الوحيد للرفض في حالات أخرى، لتجد هؤلاء الفتيات أنفسهن في نهاية المطاف مرغمات على التخلي عن مشروع الزواج أو تأجيله في انتظار إذن أسرهن وموافقتها.
لم تختر بمحض إرادتها التخلي عن حلم الزواج الذي يداعب مخيلة كل شابة في سنها، لكنها وجدت نفسها مرغمة على البقاء في وضعية العازبة بأمر من أسرتها، التي تضع شروطا صارمة لزواجها ومواصفات خاصة لزوجها المستقبلي.
النسب المشرف
«كل من تقدموا لخطبتي كانوا يتوفرون على شقة ودخل قار، لكن أسرتي كانت دوما ترفض ارتباطي»، تقول جميلة ذات الثامنة والعشرين عاما، مؤكدة على أن الظروف المادية لكل من كانوا برغبون في الزواج منها ترضي طموحات أسرة أي فتاة، على عكس والديها اللذين يشترطان «النسب المشرف» بالإضافة إلى الوظيفة المهمة والثروة التي تضمن لابنتهما الاستمتاع بحياة الترف والبذخ.
بالرغم من أن الرجل العصامي يحظى باحترام معظم الأسر التي ترى فيه الزوج المناسب لبناتها والقادر على حمايتهن من غدر الزمان، لأنه نجح في التغلب على كل الصعوبات للتفوق في حياته المهنية والوصول إلى المكانة الاجتماعية التي يطمح إليها، يعتبر والدا جميلة أن كل تلك المكاسب لا تساوي شيئا له مادام ذلك الشخص لا ينحدر من أسرة عريقة يقترن فيها المال بالجاه.
زاد إصرار الأسرة على التشبث بذلك الشرط حسب جميلة، بعد توالي زيجات جمعت قريباتها اللواتي لا يتمتعن بعملة الجمال التي تتوفر عليها بأزواج ينتمون إلى أسر فاحشة الثراء، فأصبحت الأسرة التي بالرغم من انتمائها إلى الطبقة المتوسطة تطمح في أن تتصاهر مع إحدى الأسر الثرية.
جميلة التي لطالما كانت الإبنة المطيعة لوالديها ولا تجادلهما في أي أمر، عجزت عن إعلان العصيان في وجهيهما حتى عندما صار الأمر يتعلق بحياتها الشخصية، وبقرار الزواج الذي يفترض أن يكون لها الحق في اتخاذه، ووجدت نفسها مضطرة لتأجيل مشروع الزواج إلى أجل غير مسمى في انتظار أن يأذن لها والداها بتحقيقه، بعد أن يطرق العريس الثري باب منزل الأسرة لطلب يدها.
والداها يشترطان الثروة
فاطمة الزهراء تعاني بدورها من إصرار أسرتها على حرمانها من الزواج من الإنسان الذي اختارته، لأن الظروف المادية للأخير لا ترقى إلى مستوى تطلعات أسرتها التي تريد لابنتها الارتباط برجل ثري لا يقل مستواه المادي عن مستواها.
جمعت بين الشابة العشرينية وزميلها في الدراسة علاقة حب قوية دامت لسنوات، قبل أن يقرر الشاب التقدم لخطبتها، بعد أن تمكن من إيجاد فرصة العمل الملائمة، وصار مؤهلا لتحمل مسؤولية أسرة، غير أن العاشقين سيصطدمان برفض والد فاطمة الزهراء.
ثراء أسرة فاطمة الزهراء مقابل انتماء طالب القرب إلى أسرة فقيرة تعيش في بيت متواضع بأحد الأحياء الشعبية، جعل الأب يخشى من أن يكون الطمع الدافع الرئيسي وراء رغبته في الزواج من إبنته، الأمر الذي جعله يرفض تزويجها له، في إصرار تام على أن ينفرد بقرار تزويجها من الرجل الذي يرى فيه الشخص المناسب القادر على إسعادها وتوفير العيش الكريم لها.
لم يختلف موقف والدة فاطمة الزهراء التي كانت تأمل الأخيرة في أن تساعدها على إقناع والدها بالسماح لها بالزواج من الشخص الذي اختارته، فالأم بدورها ترى أن قرار زوجها يصب في مصلحة الإبنة. فظلت تحذرها من الارتباط بشاب لا يحتكم على الثروة ويعتمد بشكل كلي على راتبه لإعالتها وإعالة الأبناء الذين سيرزقان بهم، لأن ذلك يعني أنها ستكون مطالبة العمل وعدم التخلي عن وظيفتها حتى وإن كانت لا ترغب بالاستمرار فيها كي تتقاسم معه أعباء الحياة.
لم يمر الحديث عن حياتها الزوجية المستقبلية دون عقد المقارنات بين العريس الذي تقدم لخطبتها وأزواج قريباتها الذين يسيرون مشاريعهم الخاصة التي تدر عليهم أرباح خيالية أو يشغلون وظائف مهمة ذات دخل مرتفع.
حاولت فاطمة الزهراء بشتى الطرق إقناع والدها بالسماح لها بالارتباط بالشخص الذي اختارته، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، ليصبح التوتر السمة التي تطغى على علاقة الإبنة بوالدها، بعد أن صادر الأخير حلمها وأغلق في وجهها أي مجال للحوار، لتبدأ فاطمة الزهراء بالتفكير جديا في الارتباط بالشهص الذي اختارته دون الرجوع إلى والديها.
شادية وغزو