لم يهدأ خاطر قناة "الجزيرة" بعد، ولم يهضم الساهرون عليها أن تمر عواصف الربيع العربي "بردا وسلاما " على المغرب، لذلك تعود بين الحين والآخر لتقليب جثة حركة 20 فبراير، التي أصبحت مجرد رميم، ظانة، أن بإمكان برنامج وثائقي، أن يحيي عظامها التي أكلها التراب.
قناة " الجزيرة" التي بشّر وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى الخلفي، بقرب إعادة فتح مكتبها بالرباط، بعد أن كانت السلطات المغربية أغلقته، بسبب الخط التحريري المعادي للمغرب وقضاياه، لم تجد ما ترد به على هذه البشرى سوى برنامجا وثائقيا يسير في نفس الخط، ويؤكد أن " حليمة لازالت على عادتها القديمة"، استضافت فيه أسماء تنحدر من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجماعة العدل والإحسان المحظورة، وحركة 20 فبراير البائدة، ليقولوا جميعا إن "الثورة في المغرب يمكن أن تندلع في أية لحظة"، وأن الوضع قابل للانفجار...
قناة " الجزيرة" اكتفت بهذه الأصوات التي تخدم أجندتها، وكأن ليس في البلاد لا أحزاب سياسية ولا نقابات ولا مجتمع مدني، تعمدت إقصاءهم جميعا مخافة أن يقولوا عكس ما تريد... أن يقولوا إن المغرب باشر إصلاحات دستورية عميقة، وأجرى انتخابات تشريعية سابقة لآوانها أفرزت صعود حزب إسلامي إلى سدة الحكم...
قناة " الجزيرة " خافت أن تفقد السيطرة على زمام المبادرة، وأن لا تصل الرسالة التي حاولت بعثها من خلال هذا البرنامج الوثائقي، الذي صادرت فيه حق أمة، بكل مؤسساتها، في الكلام ، وأصرت على أن تُسمعنا أصواتا منفلتة و ضاجة و ضاجرة، بنفس حجم الضجر الذي يسببه لها استقرار الوضع في المغرب...
قناة " الجزيرة" تخلت عن كل قواعد المهنية، في عز هذا الربيع العربي، وتحولت إلى طرف، في معادلة صعبة، فك المغرب طلاسيمها، في ما لا تزال بلدان أخرى تفرخ المزيد من الطلاسيم، وبلدان أخرى تقف في الصف في انتظار أن يأتي دورها لفك طلاسيم قد تكون أكثر وجعا للدماغ.
الآن، يمكن أي يتساءل أي مواطن عن جدوى الترخيص لـ "الجزيرة" بإعادة فتح مكتب لها بالرباط، هل من أجل أن تمارس المزيد من الكذب والتضليل والبهتان من عقر دارنا؟
لا شك أن ما وقع سيدفع وزير الاتصال مصطفى الخلفي إلى إعادة النظر في قراره، الذي كان على ما يبدو سابقا للأوان، لأن ليونة ملمس الأفعى لا يمكن أن تنسينا جميعا حدة أنيابها.