ليس مطلوبا من الاتحاد أن يرضي كل من لا يحبه، ليس مطلوبا منه تربيع شكله كلما أحيط بدائرة من التشكيك أو من النقد.
الاتحاد مطالب بأن يكون ذاته، ويكون مايريده لنفسه، وما يريده له شعب المغرب ونخبه الشريفة.
لهذا ليس الاتحاد حزبا للملائكة،
ولا حزبا للشياطين،
إنه حزب للمغاربة، وهم بالضرورة ليسوا لا ملائكة ولا شياطين، إنهم مواطنون يسعون إلى استكمال شروط المواطنة الكاملة.
ولهذا، أيضا، سينصت الاتحاد إلى كل الأصوات التي لا تريده في قبر أو محمولا إلى الجلجلة.
ليس مطلوبا منا أن نفوض تدبير عواطفنا وأمزجتنا وقلقنا ومساءلاتنا، لمن لا يحسنون الظن بكل ما فينا، وبكل ما نملك يقتسمون منا شهداءنا لكي يقتصوا من سيرتهم ما يرشقوننا به يحبوننا ميتين، كي يستطيعوا أن يجدوا الحجة لضرب من بقي منا حيا بنا!
ليس الاتحاد جزيرة لكائنات أسطورية، وليس هو بناء خيالي في عاصمة من النورانيين، بل هو حزب من صلب المجتمع، من أعماقه ومن تربته الدفينة لهذا يكون الاتحاد دوما عنوانا للمغرب:
في الأزمة عندما تصاب البلاد بالبرد نعطس نحن، ونحن المنفذ الذي يدخل منه رجال الإطفاء ورجال الإسعاف والممرضين إلى بلاد مريضة، تبحث عن العلاج،
ونحن، أيضا، من يجده المسعفون في وضع غير سليم وفي صحة متدهورة ويطلقون صفارات الإنذار وهم يتجهون بنا إلى مصحات الإنصاف والمصالحة وجبر الضرر..
مطلوب منا، فعلا، أن نكون المسعف الذي ينتهي به الأمر إلى من يسعفه، في لحظة ما،
ولكنه يدرك أنه لا أحد سواه يمكن أن ينقذه..
ولا أحد يمكن أن يتوجع أكثر منا من آلامنا.
إذن، ارحمونا من العواطف البديلة وتحدثوا عنا بقليل من الموضوعية..
لقد ساعد الزملاء، أو العديد منهم الاتحاد في إنجاح مؤتمره، وشكرا لهم: كانوا في الموعد، بالإخبار الموضوعي أو القريب من الموضوعية بعض الأحيان، وفسح المجال للمرشحين وأعطى الكلمة لقيادات الاتحاد المترشحة.
ونشكرهم بكل قوة وبكل مودة.
وقد تابعوا عن قرب كيف كان التنافس، ولم نستبدل حرارته ببرودة الخوف على حزبنا:جمعنا معا، الحرارة والاختلاف والخوف على الحزب:
كنا الوحيدين، ربما، الذين جمعنا الماء والنار في معادلة واحدة،
واليوم عندما يناقش الاتحاديون فيما بينهم، ويحسمون أمورهم بما يريدون وبالطريقة، رجاء لا تحرمونا من »الشبهة« الديموقراطة..
لا تحرمونا مما اقترفناه في حقنا من اختلاف، ومن اتفاق دبرناهما معا في سلة واحدة!
لا يمكن بأي ذريعة عاطفية أو تحليل أن يعوض الاتحاديون بمحللين آخرين في داخل مؤتمرهم: لقد اختاروا ولا يمكن ألا تحترموا اختيارهم..
ونحن لن نساعد الزلزال، كما قال صديقي الذي رحل، أحمد بركات،
سنقرأ ما أعطته لنا قاعدة حزبية، متنوعة ومختلفة، لكنها موحدة في اختيارها الذي اختارته.
هل نعوض الاختيار بالتنازل عن الانتماء لفائدة آخرين؟
لا يمكن أن نبقى من نحن..
لنا أزماتنا، ولنا اعطابنا، ولكنها أزماتنا نحن، وأعطابنا نحن..
ولسنا مستعدين لكي نأكل أنفسنا، بسبب شهية مفرطة في اللحم الآدمي أو بسبب خلل في الهرمونات الأخلاقية..
نحن من هذا الشعب، ولنا ما له، وعلينا ما عليه..
لنا الشهداء، وليس لنا الأنبياء،
لنا المناضلين المواطنين، وليس لنا الحواريون أو المبشرون بالجنة..
نحن منك يا شعبنا..فاحضنا في بيتك ولا تتركنا للبرد في الخارج..!
عبد الحميد جماهري