قبل سنوات، أيام جريدة “الصباح” قبل “الغزو”، كنت أخال إدريس لشكر, وهو حينها “مجرد” عضو في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، تابع لهرم من أهرام السياسة في المغرب، محمد اليازغي، (كنت أخاله) شيطانا سياسيا، أقرب إلى قائد “مافيا”. دهشة البداية في مجال الصحافة تجعل الكثيرين، وأنا واحد منهم، يقعون في زلة استعداء البعض لمجرد سمع أو انطباع عن بعد، فتتحول “النية” إلى تخندق غير مقصود إلى جانب هذا أو ضد ذاك. وهكذا حدث مع إدريس لشكر. كثيرا ما اتهمت بأنني أقود حربا ضده لصالح جناح آخر، أو أجنحة أخرى.
سيحدث أن يكلمني لشكر على الهاتف، فيعاتب قليلا، ويلوم قليلا، ويشرح قليلا، إلى أن يحدث “التطبيع”، وتتحول العلاقة يبني وبينه من “حرب”، كما فهمها هو، إلى قدر أكبر من التوازن، كما سأحاول أن أبررها أنا. وتمر الأيام إلى أن أغادر المكتوب من الصحافة إلى الإذاعة، فأكتشف في الرجل أنه عفريت العفاريت، حتى قبل أن يكتشف بنكيران هذا الوصف!
لم يقل في رجل ما قيل في لشكر. انتهازي، مخادع، مصلحي، صاحب حاجتو… وما جاور ذلك من الأوصاف التي تفيد بأن لشكر تراكتور قبل أن يظهر التراكتور!
الغريب أن أصحاب هذه الأوصاف ليسوا غرباء عن حزب الوردة، لكنهم، بما أنهم يعجزون عن التعبير عن هذا الرأي في أجهزة الحزب، وبفضلون التساكن، يصدرون هذه الأوصاف إلى وسائل الإعلام، خوفا أو… سياسة، فيما هو يدافع عن نفسه بـ”حنكة” منقطعة النظير، مثل من هو واثق مما يصنع!
الغريب هو أن “أعداء” لشكر، خصوصا بعدما وصل الرجل إلى مقود حزب الوردة، لا يجرؤون على الجهر بما يكنون، حتى والشرط الأساسي في رجل السياسة الجرأة. أما ولشكر داهية كبير، فيستحق التعاطف أكثر مما يستحق الآخرون. كيف؟
هو رجل لم يجعل من الدفاع عن نفسه قضية رأي عام، بل يصبر أمام المنتقدين، فيما المنتقدون يسعون إلى الإعلام لخوض حروب بالوكالة عنهم ضده، وإلا ما معنى أن تكون تصريحات “الأوف” في واد وتصريحات “الأون” في واد آخر!!
قد يكون لشكر أسوأ الاتحاديين، وقد يكون منتقدوه أنبياء الاتحاديين، إنما العبرة، في هذه الحالة وأمثالها، لا تكون بالخواتم، وإنما بما يؤدي إلى الخواتم، فـ”السياسي المحنك” يعرف ما يريد، أما “السياسي المحنط” فيريد ما يعرف، وهذا هو حال لشكر وأعدائه!
لشكر أمر واقع، هو منتوج اتحادي خالص، صوتت عليه نخبة الحزب، فإن كان ما كان فالحكم يسري على الحزب كله! وإن كان الوضع بهذا الشكل طوينا الصفحة واغتسلنا من “احتلام” يسمى الاتحاد!
أيها الاتحاديون لشكر يقول: كونوا سبوعة وكولوني، فالسياسة قدرة على الفعل وليست زاوية.. للنيات الحسنة… وغير الحسنة!!
إذن كونوا اتحاديين وكولوه!
قد نعود…