بقلم: عبد اللطيف جبرو
قام مجموعة من أنصار الرئيس محمد مرسي باحتلال مدخل مدينة الإنتاج الإعلامي مطالبين بما يسمونه تطهير محطات التلفزة المصرية، وهذا منعطف خطير في الأزمة المصرية الجديدة التي انفجرت منذ استيلاء الرئيس المصري على السلطة القضائية، توجه خطير لأن هدف الـظلاميين هو التحكم في المشهد الإعلامي حتى يـسهل عليـهم السيطرة على المشهد السياسي كما هو الحال في الأنظمة الاستبدادية، أنظمة الحزب الواحد.
ولحد الآن، مازال المشهد الإعلامي في ضفاف النيل مجالا لحرية التعبير، إذ أن مختلف التيارات السياسية والفكرية تستطيع أن تعلن عن مواقفها مما يجعل الحياة السياسية خاضعة لشفافية حقيقية.
وهذا ما سيساعد مصر في طريق بناء مجتمع جديد قوامه قوى حية فاعلة ومؤثرة على الوصول إلى أهداف ثورة 25 يناير.
إنها ثورة صنعها الشعب بمختلف مكوناته وأطيافه المتعددة. والإسلاميون لم يكونوا وحدهم في ميدان التحرير إبان مرحلة المطالبة بإسقاط الفساد ورحيل مبارك، ولهذا لا يحق اليوم للظلاميين أن ينفردوا بالحكم في بلد تتعدد فيه الاتجاهات السياسية والفكرية وتتنوع التيارات التي تخترق المجتمع المصري.
صحيح أن الدولة المصرية يرأسها واحد من الإخوان المسلمين عن طريق صناديق الاقتراع، وهذا لا يعني أن الرئيس مرسي سيظل يقود مصر مدى الحياة، بل إن أرض الكنانة ستعرف انتخابات رئاسية وبرلمانية حسب استحقاقات ستحل مواعيدها في الآجال المحددة لتجديد المؤسسات.
وسيكون من حق الشعب أن يجدد الثقة في الإخوان المسلمين أو يحق له كذلك أن يضع ثقته في القوى المعارضة، أي بكل بساطة، يحق للمصريين أن ينعموا بالديمقراطية كما هو حال الممارسة الديمقراطية في البلدان الأخرى التي تخلصت من الاستبداد ونظام الحزب الواحد.
ولكن، إذا ما تحقق للظلاميين هدفهم فيما يعتبرونه تطويرا للمشهد الإعلامي فهذا معناه أن مصر قد دخلت ، لا قدر الله، في نفق مظلم لا أحد يعرف كيف سيكون الخروج منه.
ثم مصر والحمد لله تتوفر على رصيد من المفكرين القادرين على إقناع الشعب بوجوب الدفاع عن مكتسبات ثورة 25 يناير، وفي مقدمة هذه المكتسبات : حرية الإعلام التلفزي، وهذا ما يعانيه كل متتبع للندوات والمناظرات التي تقدمها عشرات الفضائيات التي يريد الظلاميون التحكم فيها.
لقد استولى مرسي ومن معه على السلطة التنفيذية والتشريعية قبل أن تمتد يدهم إلى السلطة القضائية والآن جاءت مرحلة هيمنة الظلاميين على الإعلام.
ومن هنا الخوف على مستقبل مصر التي يحاول الظلاميون السير بها إلى آفاق مظلمة لكن القوى الحية لن تستسلم للأمر الواقع، وما على جبهة الإنقاذ إلا أن تعرف كيف تتجذر في المجتمع وتنظم الصفوف لخوض معركة طويلة حتى لا تكون للظلاميين الكلمة الأخيرة.