مخطئ من يحاول إيهام الرأي المتتبع للشأن السياسي الوطني ان جماعة العدل والإحسان لن تعيش هزات وخلافات ستعصف بها . فمن الطبيعي ان تظهر بعد أيام الحزن على مؤسسها مؤشرات الصراع على المواقع بين عناصرها القيادية التي تختلف في التوجه السياسي والدعوي الذي ظل يتبناه مرشدها الراحل والذي لم يؤدي إلا إلى عزلة سياسية وعقائدية .
ولتوضيح هذه الأمور نقف في أول الأمر على التسابق بين قيادي الجماعة على الإعلان عن وفاة الشيخ ابتداء بصهره عبدالله الشيباني تم القيادي حسن بناجح تم فتح الله ارسلان الذي قدم نفسه كناطق باسم الجماعة، مما اضطر الجماعة إلى نشر إعلان وفاة الشيخ يسين في خبر على موقعها بشكل مقتضب يعكس الارتباك والسعي إلى قطع الطريق على القياديين الذين يحاولون استغلال الإعلان عن وفاة الشيخ للتموقع في الصراع عن الخلافة .
نقطة أخرى تؤكد هذا الصراع الخفي بين قيادي الجماعة والذي بدا يخرج للعلن هو الإسراع في تسريب خبر تولي محمد العبادي رفيق الشيخ المتوفى قيادة الجماعة لإحدى القنوات الإخبارية الملتحية وهو الخبر الذي سارع عضو مجلس الإرشاد عمر امكاسو إلى نفيه على نفس القناة في اتصال مباشر مؤكدا انه لم يتم الحسم في أمر من يخلف الشيخ المتوفى .
لقد حاول حسن بناجح احد قيادي الجماعة التغطية على هذا الصراع والقول بان الشيخ يسين ترك مؤسسات داخل الجماعة وهنا نتساءل عن طبيعة هذه المؤسسات التي لم نسمع عنها من قبل ثم كيف يمكن ان نتحدث عن مؤسسات في جماعة مؤسسة على الرؤيا والخوارق وفتاوى شيخ لا تقبل النقاش او التمحيص بل هي في نظر مريديه تنزيل منزه عن الخطأ.
النقطة التي ستفيض الكأس هي مالية الجماعة. هل سيفتح النقاش في كيفية التفريق بين ما تركه الشيخ لورثته من ماله الخاص ومالية الجماعة . فالتجارب التي عاشها المغاربة منذ الاستقلال فيما يتعلق بمالية الأحزاب والجماعات تعكس صعوبة الفصل بين مال القيادي ومال الجماعة او الحزب وجماعة الشيخ تعكس بكل جلاء هذه الإشكالية وبالتالي فالكثير من المتتبعين يتوقعون خلافات حادة بين قيادي الجماعة وورثة الشيخ خاصة وان المؤشرات المرصودة في الأشهر الأخيرة أبرزت تدحرج ابنة الشيخ ندية التي كانت تسعى جاهدة بحكم القرابة لتكون أول امرأة تقود جماعة دينية بعد وفاة والدها إلا أن الرياح جرت عكس ما اشتهته فكان التواري الى المقاعد الخلفية للجماعة والاكتفاء بدعم زوجها عبد الله الشيباني الذي دخل سباق خلافة صهره بالرسالة التي وجهها الى رئيس الحكومة مؤخرا وهو ما فسره المتتبعون بمحاولة التموقع في محراب الخلافة قبل وفاة الشيخ رسميا .
رشيد الأنباري.