عندما خلقت الحركة قبل أزيد من أربعة أشهر كان يطبعها نوع من التجانس بين جميع مكوناتها، لأن كافة المنتمين إليها يتوحدون حول هدف وحيد وهو الرغبة في التغيير الإيجابي. لكن بعد الخطاب الملكي ليوم تاسع مارس بدأ يبرز دور وتدخل الأحزاب ومعه التوجيه السياسي للحركة، والذي جسدته بوادر خطابات مسيسة خلال الجموع العامة. عندها أبدى المستقلون اعتراضهم على هذا التحول قبل أن يقرروا تأسيس تكتل يتبنى رأيا مشتركا.
وعقب أن ازداد عدد المستقلين وتقوت شوكتهم لم تعد لليسار قدرة على مواجهتهم، وقتها أصبحت المواجهة مباشرة مع جماعة العدل والإحسان. هذا التنظيم الذي يهدف بالأساس إلى البقاء في الشارع والوصول إلى غاية التغيير الجذري، في حين أن من خرج ضمن حركة 20 فبراير يريد إصلاحات بأقل الخسائر، ولا أحد من بينهم يراهن على الفوضى لإدراك تلك الانتظارات، خاصة وأننا رأينا إلى ماذا أدت إليه في التجربتين التونسية والمصرية. فالمغرب مختلف تماما، تعقد الاجتماعات بدون منع، وتنظم التظاهرات والمسيرات بلا مضايقات، إلا عندما تستهدف الأحياء الشعبية. وجميعنا يعلم بأن جماعة العدل والإحسان هي من تجر تلك الاحتجاجات إلى المناطق الداخلية حتى تتحقق إسالة الدماء على الطرقات، كما تقول، فهذا هو مشروعها حتى تتسنى لها الفرصة الملائمة لبداية معاركها مع الدولة. وفيما يخص مواجهتهم لنا كمستقلين، بدأ الأمر بالاستفزاز اللفظي، تلاه التعنيف الجسدي، حيث أصبح من مهامهم الأساسية وأبرز نقاط اشتغالهم الاعتداء عند كل جمع عام على عضو مستقل «بغاو يقاديونا». بل وصلت بهم الوقاحة إلى حد منعنا من حضور تلك اللقاءات على الرغم من أن القرارات النهائية تتخذ بعيدا عنها، وأقرب مثال على ذلك المسيرتان الأخيرتان بكل من منطقتي «سباتة» و«الولفة» بالبيضاء. فالوجهة كانت محددة ومعروفة على صفحات الفايسبوك 4 ساعات قبل انعقاد الجمع العام. والأدهى أن هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم قيادات في أحزاب الطليعة والنهج الديمقراطي تم ضبطهم من طرف بعض الشباب أثناء مسيرة «سباتة» الثانية بإحدى المقاهي «مكونسومين عصير ومخليين اولاد الشعب فالشارع كيكلو العصا». ومن آخر المستجدات المضحكة والمخجلة في ذات الوقت، أنهم أصدروا قرارا بصيغة عسكرية لا تقبل النقاش يقول: «يجب الحسم مع كل من صوت بنعم لصالح الدستور من المستقلين». فبعد أن تم منعنا من التقاط صور داخل الجموع العامة، واعتراض خروجنا إعلاميا، ها هم اليوم يصادرون حقنا في حرية التصويت وينصبونه حجة للقطع مع وجودنا. إنها فعلا المهزلة في أدنى صورها