تشييع جنازة عبدالسلام ياسين هو آخر فرصة للعدل والإحسان لاستعراض القوة، بعد رحيل الشيخ أو القطب، الذي كانت تدور حوله رحى الأتباع، لأنه لن يكون بمقدور الذين يتسابقون لخلافته على رأس الجماعة أن يملؤوا الفراغ أو أن يصنعوا نسخة طبق الأصل لرجل قضى وانتقل إلى دار البقاء.
بنهاية الشيخ عبدالسلام ياسين رحمه الله، تنتهي مرحلة، وستُولي الجماعة الأدبار، لأنها بنت كل تاريخها على جسد رجل أصبح مجرد جثة، لم تحترم الجماعة في التعامل معها القاعدة التي رسمها الحديث المأثور: " إكرام الميت دفنه"، بل فضلت أن تنتظر حشد الأتباع والمريدين وأن تستثمر خروج جموع المؤمنين لأداء صلاة الجمعة، لتستعرض عضلاتها التي ستضمر مباشرة بعد هذا الرحيل.
ولا بأس في ذلك مادام مجلس الإرشاد يدرك جيدا أنها فرصته الأخيرة للظهور، وأن ليس هناك إلا ياسين واحد، انتهى عمره الذي قُدر له على هذه الأرض.
ومباشرة بعد عملية الدفن ينفض الأتباع والمريدون، ويذهب كل إلى حال سبيله، ولن يجدوا برحيل "المربي" أو "الأستاذ المرشد" كما يلقبه تلامذته وأتباعه، أي بديل له، مادام من تركهم مغرمون بالظهور الإعلامي، والتنسيق مع السفارات الأجنبية، ولهم طموحات سياسية، ألم يصرح حسن بناجح مباشرة بعد وفاة "صاحب النظرية والفكر" كما وصفه بذلك فتح الله أرسلان، قائلا: " لا مشكل لدينا في العمل السياسي المشروع".
لقد رحل مؤسس العدل والإحسان، الشخص الذي أغرت كاريزميته المريدين، الذين التفوا حوله، ولن تجد الجماعة لا في فتح الله أرسلان ولا في عبدالكريم العالمي ولا في محمد العبادي ولا عبد الواحد المتوكل ما يبحثون عنه من رؤيا كاذبة كـ "القومة" لكنها جميلة كقصة تسلب الخيال.
رشيد الانباري