في الوقت الذي يلزمنا الضغط من أجل المطالب الاجتماعية والاقتصادية أولا، نجد أن أحزاب النهج والطليعة بالإضافة إلى جماعة العدل والإحسان لهم رأي آخر، وإن كان بئس الرأي، يلخصه تمسكها بالمطالب السياسية كأولوية أكثر من غيرها، على الرغم من أنه يسجل في الآونة الأخيرة بعض التحرك من جانبهم يقول: «علاش علاش جينا، المعيشة غالية علينا». فلماذا هذا التأخير المبيت. ففي البداية كانوا يطالبون بإسقاط الحكومة وحل البرلمان، واللحظة يسكنهم هاجس الانضمام للشعب.
فلو توجهوا في المسار الذي خطه المستقلون منذ البداية لكانت النتائج أفضل بكثير، خاصة وأننا نطالب بحفظ ملكيتنا من منطلق قدرتها على إبعادنا عن جملة من المشاكل والتبعات الخطيرة، إذ باستطاعتها حماية هويتنا المغربية والإسلامية. فيما الجماعة ومن يدور في فلكها يرغبون في دولة علمانية وجمهورية «وماعرفتش كاع أش باغيين»، ثم أضيف بأنه «شوف دابا واش دايرين، هادو إلى شدو البلاد العالم لله فين غادي يوصلوها الله يحفظ». فالمطالب إجمالا هي التي تفصل بيننا، وعندما نقول المطالب نعني الأرضية، وهي التي يقتنعون فيها بما هو سياسي وليس ما يخدم الشعب من حقوق اجتماعية واقتصادية، الأمر الذي جعل المواطنين ينفرون منهم ويبتعدون عن التضامن معهم. فالشعب يرفض دائما التلاعب بمداركه. إن هذه الجماعة ومعها أحزاب النهج والطليعة اتضحت رؤيتهم للجميع، فهم يريدون كسب الشرعية للجلوس مع الدولة على نفس الطاولة بغية مكاسب سياسية، في حين أن ذلك بعيد جدا عن المطالب الحقيقية للمغاربة. نقطة أخرى تحيرني فعلا، كيف يعقل أن جماعة إسلامية تتحامل على مستقلين وتتفق مع يساري ملحد وعلماني ويطالب بالجمهورية وإسقاط النظام «هذا كيطالب بجمهورية وهذا كيطالب بالخلافة والقومة، كيف يمكن يمشيو حتى للنهاية، لابد غادي يضاربو هوما الأولين بيناتهم وينوضوها سباط». والمصيبة أنه عندما تدخل معهم في أبسط حوار حول هذا الموضوع تتهم بالمخزني والبوليسي. فيجب على هؤلاء أن يتحلوا بالجرأة وليس بالرعونة السياسية، وأن يمتلكوا الشجاعة ليقولوا: «احنا بغينا إسقاط النظام، أنا باغي ندير الخلافة، باغي ندير القومة، ماشي يتخبى وراء النساء والأطفال ويستقطب صغار السن ليمرر لهم خطابات مسمومة ويعمر بهم المسيرات». والأكيد أننا مقابل كل هذا لن نترك الحركة لـ«البانضية» من أجل العبث بها. فلن نتخلى عنها مهما كان ثمن الصمود غاليا، وسنكمل المشوار إلى الأخير. ولا أود أن تفوتني فكرة الإشارة إلى آخر أساليب التعنيف التي أصبحت تمارسها جماعة «عدو الإحسان» بتواطؤ مع حزبي النهج والطليعة وعناصر من «أطاك» ضد المستقلين، وأستدل بمسيرة الحي المحمدي التي خاطب خلالها المسمى يوسف مزي والي الأمن الموزوني بكوننا «ماشي معهم» لما كنا في مقدمة المسيرة، والجميع يدري مخاطر هذا الموقع الذي يبقى أصحابه عرضة وبامتياز لأول تدخل في حق التظاهرة ككل.