"لا دخان بدون نار" هذا ما يقوله المثل العربي القديم، وحين تستدعي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المستشار البرلماني، سمير عبدالمولى ( حزب العدالة والتنمية)، فلأن شيئا ما يقتضي التحقيق.
وفي هذه الحالة، فإن الاستدعاء، لم تحركه أيادي خفية بالداخل، كما قد يتوهم البعض، خاصة في الحزب الذي التحق بصفوفه، رفقة والده، قبيل الانتخابات، من أجل ضمان الحماية اللازمة، لأنه استشعر أن رمز "المصباح" هو أحد أحصنة السباق المرشح للفوز في انتخابات 25 نوببر 2011.
طبعا، الابن المدلل لعائلة عبدالمولى، كان من بين المستشارين الذين قدموا استقالتهم من الغرفة الثانية، بهدف دخول سباق الغرفة الأولى، لكن المجلس الدستوري استبعد هذه الإمكانية، فعوض الأب الابن في دائرة سيدي قاسم، حيث تمتلك العائلة نفوذا كبيرا بجماعة جرف الملحة، ورثته عن الجد الذي كان قائدا، وتعزز بفضل علاقة المصاهرة التي جمعت العائلة بالجنيرال أحمد الديلمي ( خال والدة عبدالمولى)، المنحدر من ذات الإقليم.
وبالرغم من الأب كان دائما قريبا من رفاق المرحوم علي يعتة، فإنه فجأة غير اتجاه البوصلة، إذ دفع بابنه إلى الالتحاق أولا بحزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن يقفز إلى العدالة والتنمية، مباشرة بعد الربيع العربي، الذي جسدته في المغرب حركة 20 فبراير، فتنكر، بجرة قلم إلى أصدقائه القدمى، و وضع اليد في اليد مع عبدالإله بنكيران، وشرب من حليب "السباع" وتحوّل إلى خطيب مفوه في مهرجان خطابي يُوزع التهم بدون بإقامة حجة.
وفي عز هذا الزواج المصلحي، أسبل الأمين العام لحزب "المصباح" على الفتى المدلل من الأوصاف ما جعل كل مراقب يتساءل عن السر في هذا الحنو المبالغ فيه...
استدعاء سي سمير عبدالمولى، لم يتم على أساس تهمة ملفقة، للاساءة إلى صورة حزب البيجدي، الذي لا صورة له أصلا، بل بناء على طلب من السلطات القضائية الاسبانية التي لجأت إلى نظيرتها المغربية من أجل الكشف عن تفاصيل قضية تزن 15 طنا من الحشيش،.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى سنة 2007 حين شك أحد ضباط الشرطة في ميناء طنجة المدينة في أن إحدى الحاويات التي تم شحنها على متن باخرة " البوغاز" المملوكة لشركة "كوماريت" تحمل حشيشا، فسارع إلى إخبار المسؤول عن الشحن بالواقعة، وطلب منه عودة الباخرة التي كانت قد غادرت توا الرصيف ( عودتها) إلى الميناء لإعادة تفتيشها، لكن أوامر سمير عبد المولى حالت دون ذلك، ولما بلغت الباخرة الرصيف الأخر تم اكتشاف الحشيش من طرف الحرس المدني الإسباني.
ولم ينف سمير عبد المولى المدير التجاري لشركة "كوماريت" إخباره من طرف المسؤول عن الشحن بوجود حمولة مشكوك فيها، كما لم ينف أنه لم يأمره بعودة الباخرة، وفي هذه الحالة فإن المساءلة تصبح ضرورة، وهذا ما فعلته النيابة العامة بالضبط.
قد يخرج عبدالعزيز أفتاتي أو غيره من أجل التشويش على التحقيق، كما قد يخرج غيره من أجل التشكيك في هذه الرواية، لكن سي سمير، الذي رفض المثول أمام الفرقة الوطنية مرتين في هذا الملف بالذات، لا يكذب هذه الرواية، قد يكون منع الباخرة من العودة من باب "الفشوش" واللامبالاة، وقد يكون منعها لأنه لم يقدر المسؤولية حق قدرها، وقد يكون منعها لأسباب أخرى وحده التحقيق سيكشف عنها...
قد يكون الفتى المدلل استهتر بإخبارية المسؤول على الشحن.. وقد يكون.. وقد يكون.. لكن ليس من حق أي كان استباق مجريات التحقيق، الذي يسير لا محالة حتى نهايته بهدف كشف الحقيقة.
ولا شك الذين تتبعوا محاكمة توفيق الابراهيمي ومن معه، في ملف شركة نفس العائلة، وتابعوا مرافعات الدفاع، والمقالات التي نشرتها جريدة "الاتحاد الاشتراكي" أدركوا منذ ذلك الوقت أن الدفاع كان سيفجر قنبلة في وجه عائلة عبدالمولى حين ألمح أكثر من مرة إلى النفوذ الذي جعل هذه العائلة " تسطو" على كل هذا الأسطول، والقروض التي منحتها الأبناك بدون ضمانات أو تفوق بكثير القيمة الحقيقية لهذا الأسطول.
إنها الحلقة الثانية من مسلسل " كوماريت" الذي يعد بحلقات قد تكون أكثر تشويقا، خاصة حين يدرك رئيس الحكومة، أن الانتماء إلى حزبه كان بالنسبة للعائلة مجرد مظلة.
رشيد الانباري.