ينتابني شعور بالإحباط، وأنا أتتبع التراجعات والأجواء التي يجري فيها التنافس بين المرشحين الخمسة لمنصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، بل أستطيع القول ومن دون مجازفة، مع كثير من الحسرة والأسف، أن الاتحاد الاشتراكي فكرة تواصل الاضمحلال في زمن تلاشي الأخلاق النضالية والقيم الاتحادية الأصيلة.
قبل أسبوعين كنت من المتحمسين للصيغة التي أقرها المكتب السياسي لتنظيم التنافس بين المرشحين، واعتبرت تنظيم مناظرات بينهم على صعيد الجهات بعيدا عن كواليس الرباط، إضافة جديدة لتراكمات الممارسة الحزبية بالمغرب. وأيضا مناسبة لنقل النقاش السياسي والإيديولوجي إلى الفضاءات العمومية لجعل الشأن الحزبي الاتحادي شأنا مغربيا عاما.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث، ألغيت المناظرات المباشرة أمام المناضلين ليتم تعويضها بلقاء تلفزي وآخر إذاعي، وبدل النقاش حول هوية الحزب في زمن المحافظة السياسية والحاجة إلى حزب يساري حداثي قوي يكون صماما في وجه التراجعات، يتراشق الاتحاديون بالكراسي ويتبادلون السباب في ما يشبه أحيانا حروب المليشيات حول من يحشد عددا أكبر من الأنصار والأتباع.
ومن حقنا أن نتساءل اليوم عن الإضافة التي تحملها الأجواء التي يجري فيها ترتيب المؤثمر التاسع للإتحاد الاشتراكي إلى المشهد السياسي المغربي، إن التصويت بالبطائق الإلكترونية، وتنظيم انتخاب الكاتب الأول في دورتين هي مجرد أشكال مسطرية، وحتى وجود خمس مرشحين ليس إضافة جديدة، مادام المؤثمر السابق عرف تنافسا بين أربعة من القادة.
نخاف اليوم أن تفرغ الساحة للمحافظين وأشباه الأحزاب العاجزة عن المواجهة الإيدولوجية والجماهيرية، ونخاف أكثر أن يصير الإتحاد الاشتراكي فكرة في أرشيف الذاكرة الوطنية، ويغدو ما تبقى منه رهينة المطامح وحروب التموقعات الشخصية، إننا بالفعل عاجزون عن الأمل في لحظة لاشيء فيها يبعث على الإعتقاد بمستقبل اتحادي أفضل.
هل الصورة سوداء لهذا الحد المغرق في التشاؤم؟ لست أدري، لكن الوضع بالنسبة إلى يبقى على ما هو عليه حتى انبعاث واقع اتحادي آخر غير واقع الميليشيات وبؤس حروب الزعامات.