حميد زيد.
يقول الأولون إن الله خلق الأرض، وكانت الأرض لا ترسو على بر، وتتمايل كما تتمايل سفينة في بحر هائج، ومثل سكرانة شربت كل خمر الدنيا، ولكي تثبت الأرض ويستقر بها المقام في الكون، بعث الله ملكا فهبط من الأعالي ودخل تحت الأرض، فوضعها على كاهله، لأن الملاك كان قويا جدا، ثم أخرج يديه إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب، ثم قبض على الأرضين السبع وضبطها فاستقرت تحت يديه، ولكي لا يتمايل الملاك بدوره ولكي يضبط وقفته، أرسل الله ثورا من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة، فجعل قرار قدمي الملك على سنامه، إلا أن قدميه لم تكفيا، فبعث الله تعالى ياقوتة خضراء من الجنة حجمها يفوق مسيرة كذا ألف عام، فوضعها على سنام الثور، فاستقرت عليها قدما الملك
وكانت قرون الثور خارجة من أقطار الأرض ممتدة إلى العرش، وكان منخر الثور في ثقبين من تلك الياقوتة الخضراء تحت البحر الهائج، ومنذ ذلك الزمن والثور يتنفس كل يوم نفسين، الأول يمد البحر والثاني يأتي بالجزر.
ويقال والله أعلم أنه لم يكن لقوائم الثور قرار فخلق الله كثيبا من رمل بحجم سبع سموات وسبع أرضين، فاستقرت عليه، كما لم يكن لكثيب الرمل مستقر، فخلق الله حوتا يقال له البهموت، فوضع الكثيب على ظهر الحوت، وكان ذلك الحوت مزموما بسلسلة من القدرة، غليظة أكثر من غلظ السماوات والأرض.
ومضت قرون كثيرة، وعاشت أقوام على هذه الأرض وانتهت كما ينتهي جميع الخلق، إلى أن جاء إبليس لعنة الله عليه إلى ذلك الحوت، ووسوس له بأن الله ما خلق خلقا أعظم منك، وأغراه بأن يزيل الدنيا عن ظهره، وحين هم الحوت بذلك أرسل الله عليه بقة شغلت عينيه.
وأثناء ذلك زاغ الحوت واضطرب الثور وتململت الياقوتة، فهطل مطر غزير على المغرب وعم البلاد برد قارس تقشعر له الأبدان وانطلق ثعبان طويل يجوب شوارع الدار البيضاء ويدفع له الناس ستة دراهم كلما هموا بركوبه، وأكمل بنكيران سنته الأولى في الحكومة يروي النكت للناس ويستحضر الجن والعفاريت، وتوفي رافي شنكار، وأشاعوا مرة أخرى خبر موت الشيخ عبد السلام ياسين، وظهر السلفيون في كل مكان يصنعون الدساتير ويتحدثون عن الديمقراطية وما تريده الشعوب، وخرج أفتاتي يصرخ إنها قوى التحكم عادت من جديد.
وزعم البعض أنها علامات الساعة، كما ادعى قوم أنهم رأوا الدابة تتجول بالقرب من مقرات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقالوا إن ادريس لشكر حاول صدها لكنه لم يفلح، لأنها كانت أقوى منه وتصرخ عاليا وتتفوق على صراخه، وقالوا إنهم شاهدوا بأم أعينهم ملكا معه أغطية كثيرة يغطي بها الأطفال الذين جمدهم البرد، وأطفالا يموتون بالتهاب السحايا في الدار البيضاء، ورأوا معارضين سوريين يجتمعون في مراكش، وخرج الموتى من قبورهم وانهدت دور ومساجد على الأحياء والمصلين، وبحث الأحياء عن مقابر ولم يجدوها، وأصبت أنا بزكام حاد، وكان ينزل مخاط أزرق من منخاري وبلعم لم أر مثله من قبل، وتدخل شباط وطلب من فقيهه أن يدعو إلى الله كي يغير موعد الساعة إلى أن يجري التعديل الحكومي، وعاد الأمل إلى الناس، يسخرون من القيامة ومن موعدها ومن حضارة المايا التي أفزعت البشرية، في انتظار موعد آخر، سيأتي يوما دون شك، دون أن يخبر أحدا، كزائر فظ وغريب
لن يترك لأحد أن يكتب كلمة، جاعلا الفيسبوك يتهدم ويسقط على تويتر، والمواقع تختلط ببعضها البعض وتنتهي المنافسة في ما بينها، حيث لا يعرف والد ابنه ولا تكتب الجرائد خبر الذي حصل، بعد أن تكون الدنيا قد انتهت وتهدمت الصحف على الصحفيين وحلت القيامة فعلا وبدون استئذان.