يحتفظ مصطفى النكير، الطباخ السابق لملك المغرب الراحل الحسن الثاني، بدفتر يحمل توقيعات الشخصيات العربية والعالمية البارزة، الذين لم تكن تكتمل زيارتها لمدينة مراكش دون أن تتردد على مطعمه المسمى بـ"الأمين" لتتذوق مشاوي الخرفان ووجبة "الطنجية".
ويقول الحاج النكير، في حديث لـ"العربية.نت"، إن ساحة جامع الفنا بمراكش، ليست فضاء للفرجة فقط، بل إنها تشكل معرضا دائما للأكلات الشعبية التي تؤرخ للمدينة "الحمراء"، مشيرا إلى أن الملك الراحل الحسن الثاني، لم يكن يتوانى في تنظيم ساحة مستنسخة بكل تفاصيلها داخل قصره بمراكش خلال إقامته الشتوية بهذه المدينة التي كان يعشقها بقوة.
ويضيف أن الهدف من تنظيم الراحل لهذه المبادرة هو توفير أجواء الفرجة لنساء القصر، اللاتي لم يكن بإمكانهن معايشة هذه الأجواء في الساحة الأصلية مباشرة، لما تعرفه هذه الأخيرة من ازدحام بين الناس ومن كل الفئات الاجتماعية والقادمين إليها من أماكن مختلفة.
ويوضح أن حريم القصر كان يخرج في مثل هذه المناسبة للتجوال في رحاب الساحة التي كانت تضم مختلف أنواع الأكلات الشعبية، من باعة الحلزون إلى معدي "البسْطيلة" و"الطنجية"، بالإضافة إلى مربي الحمام إلى مروضي القرود والأفاعي فضلا عن الحكواتيين.
ويستعيد الحاج ذكرياته مع الملك الراحل الحسن الثاني، الذي اختاره طباخا له سنة 1983، بعد استغناء هذا الأخير عن طباخ سابق، كان الملك قد أوصاه بأن يحافظ له على مخ كبش عيد الأضحى، لكن الرجل التحق بعائلته لقضاء العيد تاركا الوصية لمساعديه، الذين لم يلتزموا بها، واكتفوا بوضع رأس الخروف على مائدة الملك خاليا من قطعة المخ، حسب رواية محمد النكير.
ملاحظات الحسن الثاني
ويؤكد، على أن الحسن الثاني كان مفتونا بأكل لسان الخروف والأذنين، وأنه لم يكن يتردد في التعبير عن ملاحظاته وانتقاداته للطباخين مباشرة بعد أخذ وجباته، سلبا وإيجابا.
وفي هذا الإطار، يتذكر نكير أنه سبق وأن وضع خروفا مشويا على مائدة الحسن الثاني، وبدأ الخادم في تقطيعه إلى قطع ليضعها على أطباق ضيوف الملك، فما كان من الملك، بعد إنهاء الوجبة إلا أن توجه إلى نكير لينصحه بأن أقوم بتقطيع الخروف مباشرة بعد شيه بالمنشار الكهربائي، وإعادة شيه ليتجمع قليلا، فيسهل تقطيعه أمام الضيوف تلافيا لتطاير بعض الأجزاء الصغرى على أثواب الضيوف.
ويشدد الحاج على حب الحسن الثاني للوجبات التقليدية المغربية والمشاوي التي يحسن إتقانها ويشرف عليها أحيانا بنفسه خاصة أثناء رحلات الصيد التي كان يقوم بها، كما كان يحرص على استحضار بعض هذه الوجبات التقليدية في سفرياته نحو الخارج.
ويكشف النكير أن الظروف الصحية لوالديه جعلته يتقدم بطلب للحسن الثاني، في أن يسمح له بمغادرة القصر عند إنهاء مهامه ليقضي بعض الوقت مع العائلة، فاستجاب له، محددا له مسؤولياته في حدود مرافقته في سفرياته، وبقي على هذا الحال إلى حين وفاة الملك.
بعدها يتفرغ الحاج لإدارة مطعمه بمراكش، رافضا مغادرة مدينته للعمل في الخارج، حيث إنه يعتز ببلده والأسماء والشخصيات البارزة التي دونت توقيعاتها في دفتر خاص، بعد تذوقها لأطباقه اللذيذة.