يفضح "التزوير" الذي لحق أو ألحقته الحكومة بمشروع القانون المالي كما صادق عليه مجلس النواب، وذلك بمحاولة تمرير استدراك مادي لم يُوقع عليه رئيس الغرفة الأولى من البرلمان، ( يفضح) خطورة ما يمكن أن تقترفه السلطة التنفيذية، التي يرأسها عبدالإله بنكيران، كما يكشف عن الاستخفاف الذي تتعامل به مع المؤسسة التشريعية.
ولا شك أن الحكومة تدرك جيدا المسطرة التي ينبغي إتباعها في إدخال التعديلات على مشاريع القوانين، وهي مسطرة لا تتطلب جهدا خارقا للعادة وإنما تقديم تعديل من طرف الحكومة نفسها أو من طرف أحد مكونات الأغلبية، وحشد هذه الأغلبية للتصويت عليه، أما أن تختار "التمرير" فإن ذلك يعني أنها عاجزة عن استيعاب منطق اشتغال المؤسسات، وقاصرة عن فهم معنى "الحكامة الجيدة" و "الشفافية" و"النزاهة" لتي يجلدنا بها وزراؤها صباح مساء.
وعلى رئيس الحكومة السيد عبدالإله بنكيران أن يمتلك الشجاعة الأدبية الكافية ويأتي أمام الرأي العام ليدافع عن هذا "التزوير" أو أن يأمر وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد بفتح تحقيق في الموضوع من أجل معرفة الجهة التي تقف وراءه، مادام القانون يعاقب كل مواطن اقترف هذا الفعل، وما دامت محاكمة الوزراء أصبحت تتم، بفضل مقتضيات دستور 1 يوليوز 2012، أمام المحاكم العادية، وذلك لسبب بسيط يلخصه المثل الشعبي القائل: " لي سرق بيضة يسرق دجاجة".
السكوت في هذه الحالة يعني التواطؤ، وفتح الباب أمام أعضاء الحكومة لاقتراف المزيد من التزوير إن اقتضى الأمر ذلك، والتطبيع مع هذه الجنحة أو الجريمة.
لم يحدث قط في تاريخ الحكومات التي تعاقبت عن تدبير الشأن العام منذ الاستقلال إلى الآن، أن لجأت حكومة (ما) إلى التزوير، لكن، مع كامل الأسف، حكومة الإسلاميين فعلت ذلك، ضاربة عرض الحائط، بنزاهة صناديق الاقتراع التي أوصلتها إلى هذا الموقع، وغير مكثرته بما قد يلحقه هذا "التزوير" بالمسار الديمقراطية.
رشيد الأنباري