بوحدو التودغي
ما وقع يوم الاربعاء بطنجة، من هجوم واعتداء على القوات العمومية من طرف سلفيين، يسائل كل المعنيين بقضايا الديمقراطية ودولة المؤسسات ببلادنا.
في البداية لا بد من توضيح شيء مهم، حتى لا نتهم بمعاداة الحرية والحق في التظاهر وكافة الحقوق الفردية والجماعية التي يكفلها الدستور ومعه كافة القوانين الوطنية والدولية، ويهم هذا التوضيح بالأساس ارتباط هذه الحقوق والحريات بالالتزام في المقابل باحترام المؤسسات والقوانين المتعارف عليها في البلاد وهي قوانين تكفل لكل واحد ممارسة حريته والتمتع بحقوقه في إطار احترام حق الآخرين وحقوقهم وهو ما يمكن ان يدخل في إطار احترام الامن العام الذي تتكفل الدولة عبر مختلف الوسائل للحفاظ عليه..
وهنا مربط الفرس في ما نريد قوله إذ ان ما جرى امس بطنجة يعد مسا خطيرا بالنظام العام وبالتالي ضربا في مبادئ دولة المؤسسات التي تنبني على القانون ولا شيء غير القانون .
ما وقع امس هو محاولة لفرض نظام الغاب وتقويض دولة المؤسسات لاستبدالها بدولة يكون الفيصل فيها للفوضى وأهواء فقهاء الظلام الذين يفتون في كل شيء بالرغم من ان الفتوى لها شروطها الموضوعية والذاتية وإذ تنتفي الشروط الموضوعية اصلا بحكم العصر الذي نعيش فيه فإن الشروط الذاتية لا يمكن إلا ان تنتفي بحكم مستوى هؤلاء الذين عاثوا فسادا في طنجة أمس والذين لا يزيد مستواهم الدراسي على قسم الشهادة الابتدائية وينتمون إلى فئات مهمشة من أصحاب السوابق في الاجرام والمخدرات والذين وجدوا في السلفية الجهادية ملاذا وحضنا للتعويض عن نقصهم وعقدهم والانتقام من مؤسسات الدولة ومن مواطنيها الذين ملوا من تكرار هذه السلوكات القروسطوية..
إن هؤلاء السلفيون يتحركون بمباركة بعض التيارات الاسلامية التي تتخفى وراء العمل الحقوقي وذلك للمطالبة بإطلاق سراح اخوانهم في السجون والذين تورطوا في اعمال ارهابية ذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء.. كما ان حزب العدالة والتنمية وعبر تصريحات مسؤوليه ومنظماته الموازية لا يزال يلعب ورقة السلفية الجهادية معلنا دائما تضامنه معهم ومطالبا بإطلاق سراحهم..
إطلاق سراح المعتقلين الذين ليست لهم اية صلة بالعنف والإرهاب لا يمكن إلا ان نباركه ونطالب بإعادة النظر في ملفاتهم، إلا أن الاغلبية الساحقة من هؤلاء لا يزالون يؤمنون بأفكار بن لادن ومنهم من يقدسه حتى، كما ان الاغلبية منهم شاركت او قامت شخصيا بهذه الاعمال الإرهابية، اما القول بأن هناك من قام بمراجعات فكرية في هذا الصدد فذلك ضرب من الوهم ومحاولة للاحتيال على القانون وعلى المواطنين، لأن أغلب من تم العفو عليهم عادوا لتدبير أعمال اكثر ارهابية من الاولى، ولنا في حسن الحطاب والاخوان الرايدي مثال لذلك..
على الجميع ان يتحمل مسؤوليته الآن قبل فوات الاوان وعلى العدالة والتنمية ان يكون واضحا في هذا المجال إذ لا تساهل مع الارهابيين وكل من يريد تقويض دولة الحق والقانون وكذا كل من يستهين بالمؤسسات.. من يريد العيش في ظل التوافق الذي ارتضاه الشعب فمرحبا به ومن يريد فرض دولة طالبان علينا فمكانه ليس بيننا.. وقد اعذر من انذر..