لو صدر حكم ضد شاعر بالسجن المؤبد في المغرب ، لمجرد أنه نظم قصيدة تتطاول على رموز الدولة أو تحرض على الإطاحة بالنظام، لأقام "سدنة" حقوق الإنسان، و "حراس أختام" حرية التعبير، الدنيا ولم يقعدوها، وخرجوا إلى الشوارع في مسيرات ومظاهرات و وقفات احتجاجية، وعقدوا الندوات الصحفية، وأصدروا البيانات النارية، وتدخلت منظمة العفو الدولية، و "هْيُومْنْ رَايْتْسْ وُوتْشْ"، وفريدريك إيبرت، ومؤسسة كنيدي، وصحافيون بلا حدود، و لأعدت قناة "الجزيرة" روبورتاجا عن الموضوع... واتهموا جميعا القضاء بالتواطؤ، والدولة باغتيال حرية الرأي، وشكلوا لجان التضامن التي لا تعد ولا تحصى، وأقاموا المآتم، وارتفع النواح والعويل، وشقت "الندبات" الجيوب.
لكن لم يحدث في المغرب أن صدر حكم في حق شاعر بالمؤبد، وحتى العقوبات المنصوص عليها في قانون الصحافة بشأن جرائم النشر لا تصل إلى هذا الحد.
في المغرب اختار البعض ( وهم معروفون جدا) التطاول المجاني على رموز الدولة، ورفعوا شعارات " إسقاط النظام" لكن لا أحد يأبه بهم، أو يلتف لتلك الترهات، التي تكون الغاية منها الاستفزاز، فيموتون بغيضهم.
وفي المغرب لا يوجد سجناء رأي، بشهادة وزير العدل والحريات، السيد مصطفى الرميد، نفسه، هناك سجناء حق عام، فلقد طوى البلد هذه الصفحة منذ زمان عن طريق تجربة الإنصاف والمصالحة.
ورغم إصرار البعض عن تسمية بعض نشطاء حركة 20 فبراير معتقلي رأي، فإن التهم التي حُكموا بها بعيدة كل البعد عن ممارسة حرية الرأي والتعبير، وحتى مغني الحركة "الحاقد" فقد أدين بتهمة المس بهيئة ينظمها القانون، التي تندرج في إطار حماية السيادة، وتحصين شرف المؤسسات حتى لا تتحول إلى لقمة سائغة تتلاعب بها ألسنة كل من هب ودب. وقد اعتبرت منظمة "هْيُومْنْ رَايْتْسْ وُوتْشْ" أن ما أقدم عليه "أمر غير لائق".
هذا هو الفرق بين الحكم بالمؤبد على الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي المتهم بالدعوة إلى الإطاحة بالحكومة القطرية وانتقاد الأمير ، وإدانة المغني الحاقد بتهمة المس بمؤسسة ينظمها القانون بسنة سجنا نافذا.
رشيد الأنباري