لم تمر سنة على صعود الإسلاميين إلى الحكم "بيضاء"، وهو التعبير الذي استعمله الربورتاج الذي نشرته جريدة "لوموند" الفرنسية في ملحقها "جيوبولتيك" الصادر نهاية الأسبوع الجاري، لأن تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة التنفيذية يشكل في حد ذاته حدثا استثنائيا مادام الكثير من أشباه المحللين قد توقعوا أن يتكرر في المغرب نفس السيناريو الذي وقع في الجزائر في بداية التسعينيات من القرن الماضي، حين رفض حكام قصر المرادية تسليم السلطة إلى جبهة الإنقاذ الإسلامية.
وقد عرفت، هذه السنة، التي باشر فيها الإسلاميون تدبير الشأن العام، الشروع في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، وإصدار القانون المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، والذي حدد المسؤوليات التي يعين فيها الملك والوظائف التي يعين فيها رئيس الحكومة، على نحو واضح، كما شهدت تنصيب الهيئة العليا لإصلاح القضاء، ورفع المغرب لتحفظاته على اتفاقية التعذيب وكل أشكال سوء المعاملة، وفتح أبواب السجون أمام المقرر الأممي المكلف بالتعذيب، خوان مانديز، وإصدار المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتقرير حول صحة العقلية والنفسية بالمغرب، وتقرير حول أوضاع السجون.
كما تميزت هذه السنة بأزمة دفاتر تحملات الإعلام السمعي البصري، و الخرجات الإعلامية لعدد من وزراء العدالة والتنمية غير المحسوبة العواقب، بسبب افتقار عدد منهم للحس السياسي الكافي الذي يؤهله لكي يكون "رجل دولة" ويجعله ـ بالتالي ـ يعرف كيف يكتم الأسرار، ويتعامل في اللحظات الحرجة، وهذا ما لم يظهر على فريق الحكومة الملتحية، في الكثير من القضايا والمواقف، بما في ذلك رئيس الحكومة نفسه، الذي اضطر إلى الإنكار أو الاعتذار أكثر من مرة عما بدر منه.
السنة تميزت أيضا بتفاقم عجز الميزان التجاري، وتراجع مؤشر ثقة الأسر، والزيادة المفاجئة في أسعار المحروقات، الانعكاسات المباشرة لها على أثمان باقي المواد، باستثناء "البنان" الذي ظل سعره مستقرا في اعتقاد السيد عبدالإله بنكيران.
السنة تميزت كذلك بتلويح عدد من الوزراء بتقديم استقالتهم، لا داعي إلى ذكر أسمائهم، مادام الجميع يعرفهم.
وبعد كل هذا هل يمكن يحق وصف هذه السنة بأنها كانت "سنة بيضاء"؟
قد تكون كذلك بالنسبة لمن لا يعرف أو على الأقل لا يتابع ما يقع في المغرب أصلا.
رشيد الأنباري.