كتب نجيب شوقي على صفحته الخاصة بالفايسبوك التصريح الأتي: (مغرب الأحرار ومغرب العبيد في مفترق الطرق..انتصار العبيد مرحليا لا يعني انهزام الأحرار، فقط مسألة وقت، فلا بديل عن إسقاط المخزن الفاسد وبناء دولة ديمقراطية عصرية......اختيار صعب لكن ممكن).
ما يمكن أن نستخلصه من تصريح مؤسس حركة 20 فبراير، هو الاعتراف بالهزيمة، والاعتراف سيد الأدلة ربما سيسكت المشككين أو من ينفي أن الحركة قد انتقلت فعليا إلى متواها الأخير، وأن نعشها حمله الشعب المغربي الحر في شوارع المدن المغربية، كما أن هذا التصريح يحمل في طياته اعتراف الحركة بخوض حرب حقيقية ضد الوطن والشعب الذي تنعته بالعبيد والذي أعلنت الحركة انتصاره .
و بما أن حركة 20 فبراير لم تستطع أن تزعزع استقرار المغرب وأن توصله إلى ما وصلت إليه ليبيا و مصر و تونس واليمن و سورية. فقد اعتبرتها هزيمة نكراء و فوز للعبيد و المقصود خمسة و ثلاثون مليون وطني مغربي حر، ممن تصدى لهم في الشوارع رافعا رايات البلاد وصور الملك صارخا:أنتم لا تمثلون إلا أنفسكم.
والتساؤل الذي يجب على الحركة أن تطرحه، هو عن الأسباب التي جعلت الشعب المغربي يتصدى لها عوض الانضمام إلى صفوفها المتهالكة؟
فهذا التساؤل تتهرب منه حركة 20 فبراير، وتكتفي بإلقاء التهم يمينا وشمالا وتعليق هزائمها على شماعة المخزن، و التهجم على كل من خالفها الرأي . فأخطاء حركة 20 فبراير التي أفقدتها الشعبية كثيرة جداً ومقصودة وحتى قبل ولادتها . فمن كان وراء تحديد تاريخ 27 من فبراير لأول مسيرة احتجاجية، كانت نواياه انفصالية بحيث أنه يوافق يوم عيد تأسيس لما يسمى بجمهورية البوليزاريو الوهمية قبل أن يتم تغييره إلى 20 فبراير بعد أن تم كشف المؤامرة ، والتي جعلت الحركة تولد مشلولة و أفقدتها ثقة وتعاطف الشعب الذي شك في أهدافها الحقيقية.
ومن بين الأسباب الرئيسية التي جعلت المغاربة الأحرار يتصدون بقوة لحركة 20 فبراير، هو العداء الكبير الذي تكنه للعلم الوطني، فحينما شاهد الشعب بأم عينه الآلاف من المحتجين رافعين لأعلام سوداء تغزو المدن والشوارع و تنذر بالشؤم وتوحي على الكفر والإلحاد وتدق طبول الحرب الأهلية و أخرى قبلية مزركشة بألوان الطيف، والتي لم يعتد على رؤيتها المغاربة من قبل و تدعو إلى التفرقة، و كذا صور لتشي غيفارا، وكأن المغرب لم يعرف يوماً موحى و حمو الزياني ولا الزرقطوني ولا الخطابي.
وكذا رفعهم لشعارات مهددة للاستقرار (واخا تعيا ماتطفي والله حتى غادية تشعل) و أخرى ضد الملك تهدد بالمطالبة برحيله .ولم ترفع الأعلام المغربية في احتجاجات 20 فبراير. ومن يتجرأ على حملها فمصيره التعنيف والسب والقذف و الاتهام بالمخزنية .
ففي قلب العاصمة الرباط، عمد فرنسي صهيوني إلى محاولة حرق العلم الوطني بمساعدة حركة 20 فبراير. لولا شجاعة المغاربة الأحرار لنجح في اعتدائه الإجرامي على رمز من رموز الوطن . فحركة 20 فبراير أخذت من العلم الوطني عدوا حيث أصبح هاجسها هو إسقاطه، ففي الحروب يضحي الجنود حتى لا تسقط الإعلام أرضا. فإعلان الحرب عليه من طرف حركة 20 فبراير هو بمثابة حرب على الوطن و الشعب، كما قالها بصريح العبارة نجيب شوقي في تصريحه أعلاه .
فما هو هدف حركة 20 فبراير إذن حين أصبحت ترى في رفع العلم الوطني استفزازا لها؟ و بالتالي فرافعه بلطجي و شمكار ، وكذلك بالنسبة للجزيرة في حصادها المغاربي، في احد نشراتها، العلم الوطني المغربي معيارا ورمزا لتشميكرة، بحيث أن الشبيحة في سورية و البلطجية في مصر يواجهون المحتجين بالأسلحة النارية و البيضاء بكل أنواعها و يقتلون و يمثلون بالجثث، و أن الشماكرية في المغرب يتسلحون بالأعلام الوطنية، و بالتالي فهم من نفس الطينة حسب الحركة فتجد المذيعة في القناة تقول (و قد تعرضت احتجاجات العشرين من فبراير إلى مضايقات من طرف بلطجية المخزن و الشماكرية ممن يحملون الأعلام الوطنية و المرددين للنشيد الوطني..!!) .
وهذا دليل آخر على أن تغييب العلم الوطني في مسيراتهم الاحتجاجية، ليس بمحض الصدفة أو خطأ أو سوء تقرير. بل هو مؤامرة، فالبلد الذي يراد له التقسيم وزعزعة استقراره يستهدف علمه الوطني أولاً، كما وقع في السودان و ليبيا بحيث و بمجرد اندلاع الفوضى ظهرت الملايين من الإعلام الجديدة القديمة ،في الوقت الذي يتساءل فيه المرء عن مصدرها ومن صنعها و من أين أتت؟ بمفهوم آخر، إن كانت احتجاجات 20 فبراير من أجل الإصلاح و.....و...و...و.. فما دخل العلم الوطني في هذا الصراع مع الدولة؟ ولماذا كان هو أول ما أسقطته في مسيراتها ؟
بقلم : وديعي عبدالعالي