الكتاب يحمل توقيع "رافائيل سانس سانس" المولود شمال اسبانيا سنة 1936.التحق بالجيش وعمل في القسم العسكري في سفارة اسبانيا ما بين سنتي69-76، الأمر الذي خول له الاطلاع والمشاركة في التقارير الاستخباراتية التي كانت تنجز في السفارة وتبعث الى مدريد. المؤلف له اهتمام كبير بالثقافة والتاريخ حيث أصدر تسعة كتب ولكن هذا هو الكتاب الذي يتطرق فيه الى العلاقات المغربية-الإسبانية ويكشف فيه عن معطيات جديدة.
المعسكر الشرقي وراء انقلاب 1971
الكتاب يروي رؤية ضابط اسباني للعلاقات الثنائية وللوضع المغربي في وقت كان يشهد فيه المغرب تطورات هامة، ورغم أنه يبدو تكرارا لما نشره مسؤولون اسبان سابقون عملوا في السفارة الإسبانية في الرباط إلا أنه بين الحين والآخر يقدم معطيات جديرة بالاهتمام.
ومن ضمن المعطيات الواردة في الكتاب أن دبلوماسيا في سفارة من دول أوروبا الشرقية في الرباط أصر على الاتصال به أربع مرات في أماكن متعددة من العاصمة المغربية في صيف 1970 وبشكل مفاجئ دائما ليخبره بضرورة التعاون عبر إخبار رؤسائه أن أغلب قيادة الجيش المغربي تعد لانقلاب عسكري ضد الملك الحسن الثاني وعرض عليه استمرار تزويده بالمعطيات مقابل أن يقوم الضابط الإسباني بتزويده بمختلف تموضعات الوحدات العسكرية المغربية.
وينقل الكاتب أنه حرر تقريرا في هذا الشأن وقدمه الى السفارة وبعدها الى القيادة العسكرية في العاصمة مدريد، وجرى تناسي الأمر حتى وقوع الانقلاب العسكري الأول الذي تزعمه الجنرال المذبوح رفقة آخرين. ويوجد التقرير في أرشيف المؤسسة العسكرية. ويسود الاعتقاد لدى الإسبان أن الاتحاد السوفياتي لعب دورا ما في هذه الانقلابات.
الحسن الثاني يختار اسبانيا للجوء
ويبقى المعطى الثاني الجديد الوارد في الكتاب هو أن المسؤولين الإسبان لم يفهموا نهائيا قرار الحسن الثاني صيف 1972 بالتوجه الى فرنسا لقضاء شهر كامل في إقامته في بيتز شمال باريس في وقت كان الجميع يتحدث عن احتمال وقوع محاولة انقلاب ثانية.
ويؤكد رافائيل سانس سانس أن العلاقات المغربية-الإسبانية كانت متوترة نوعا ما على خلفية ملف الصحراء، لهذا توجه الملك الحسن الثاني الى فرنسا في باخرته ولم يدخل المياه الإقليمية الإسبانية بل بقي في الدولية حتى الوصول الى الجنوب الفرنسي ومن هناك الى مقر إقامته. لكن خلال العودة توقف في اسبانيا، وهو ما يبدو تناقضا واضحا، لكن في العمق لم يكن اعتباطيا.
الكتاب يبرز أن الحسن الثاني كان ينوي قضاء قرابة شهر من العطلة في فرنسا، لكن بعد مرور أسبوعين، أخبرته المخابرات الفرنسية بحركات في الجيش تهدف الى تنظيم انقلاب عسكري ضده، فقرر العودة مسرعا. وقبل التوجه الى المغرب توقف في مطار برشلونة يوم 17 غشت 1972، أي ساعات قبل تعرض طائرته للقصف في شمال المغرب وعقد لقاءا مع وزير الخارجية لوبيث برافو.
وهنا يفتح الكاتب موضوعا لم يسبق التطرق إليه ويتجلى في أي دولة كان سيلجأ الحسن الثاني في حالة نجاح الانقلاب ضده وبقي حيا. يؤكد الكاتب أن خيار الحسن الثاني كانت فرنسا واسبانيا ودول من العالم العربي. ويستبعد فرنسا لأن مصالحها كبيرة في المغرب وكانت ستتوصل الى اتفاق مع الانقلابيين، ويوحي بأن الحسن الثاني يكون قد اختار اسبانيا أساسا كدولة للجوء لاستعادة العرش مستقبلا لأن اسبانيا يهمها استمرار النظام الملكي في المغرب بدل نظام يساري متحالف مع الجزائر وليبيا.
وبعيدا عن مضمون الكتاب، ومن خلال اطلاع ألف بوست على أرشيف الاعلام وقتها، يتبين أن الحسن الثاني عقد يوم 17 غشت 1972 اجتماعا مع وزير الخارجية الإسباني غريغوريو لوبيث برافو الذي كان في عطلة وقدم في طائرة خاصة من سانتياغو دي كومبوستيلا للقاء الملك نزولا عند رغبة الأخير، مما يؤكد أهمية اللقاء خاصة بالنسبة لملك المغرب. كما أنه لم يصدر أي بيان عن اللقاء الخاص الذي جمع الطرفين، وهو ما يؤكد أن اللقاء المغلق الذي حضره عن الجانب المغربي الملك الحسن الثاني وشقيقه مولاي عبد الله والوزير الإسباني بحث أمورا سرية قد تكون مسالة اللجوء.
الكتاب يؤكد أن الحسن الثاني كان يرغب في إصلاح العلاقات مع اسبانيا قبل عودته الى المغرب لأنه كان يدرك أنه سيتعرض لانقلاب ما، وكان عليه أن يرتب أوراقه الدولية.
عن "ألف بوست"