جلست أرتشف الشاي بمقهى "الإمارات" بحي "بوركن"، المشهور بمجاورته لمسجد الحسن الثاني بالبيضاء، وبكثرة الموريتانيين القاطنين والمصيفين هناك.
إنه الشاي المغربي: قليل من "الشاي" وكثير من النعناع.
بالتأكيد أفضل عليه الشاي بالطريقة الصحراوية المعروف في موريتانيا (بالتاء) وجنوب المغرب.
ملاحظة: أفضل احتساءه، وليس إعداده.
ملاحظة ثانية: أفضل "البصطيلة" بالدجاج على الوجبة الرئيسية في موريتانيا والسنغال الأرز بالسمك (مارو والحوت).
كان صديقي المغربي هشام (ابن تطوان النائمة في أحضان البحر الأبيض المتوسط) يرتشف كأس الشاي بالشيبه (نكهة مغربية)، ويمازحني قائلا: ما رأيكم برفع دعوى تطالبون فيها بحي "بوركن"؟ لقد أصبحتم الأغلبية هنا.
فأرد عليه مازحا: سنرفعها أيضا للمطالبة بمراكش التي بناها أجدادنا المرابطون. تصور -يا صديقي – المدينة الحمراء الجميلة تمتلئ شوارعها بالملاحف والدراريع !
ضحك صديقي هشام ورد قائلا: مرحبا موريطانيا ديالنا، لم لا تأتي أنت والثلاثة ملايين معك، سنفسح لكم منطقة بالبيضاء تكفي لاستيعابكم، واتركوا عنكم هذه الصحراء المترامية الأطراف؟
حسن – يا صديقي هشام - ما رأيك أن تفسح لي مكانا أولا في بيتك لأتصفح بريدي الإلكتروني وأشاهد جديد المواقع الإلكترونية؟
أنت تعلم أننا نعيش أياما عصيبة، فنحن منذ شهر بلا رئيس، والشائعات هي سيد الموقف هناك.
كان الخبر الأول الذي وقعت عليه عيناي : اتهام المغرب بمحاولة اغتيال رئيس موريتانيا !
وقع الخبر كالصاعقة علي وعلى صديقي! كيف؟ من يَتهم؟ ومن يُتهم؟
أعدت قراءة الخبر للمرة الثالثة، وبدأت أشرح الأمر لصديقي.
حسنا هشام سأقدم لك وجهة نظري:
أولا: هذه ليست الشائعة الأولى عن قصة الرصاصة، لدينا رواية رسمية، سمعناها من وزير إعلامنا، ومن رئيس الجمهورية ومن الملازم الذي أطلق عليه النار بصيغ متقاربة، تفيد أن ما حدث مجرد خطأ ونيران صديقة، هناك من يضع خطا أحمر على تلك "الصديقة"!
هناك من يتحدث عن انقلاب عسكري، هناك من يتحدث عن صراع بين الإخوة يتدخل فيه الرئيس الأب ليصاب برصاصة، (عائلة عسكرية)!...
هناك إشاعات أخرى أقل انتشارا، هل تصدق أن هناك من أطلق علينا بلاد المليون شائعة على غرار المليون شاعر؟
ثانيا: السلطات الموريتانية أقفلت ملف الرصاصة و أعلنت عبر وزير إعلامها ورئيسها مسؤولية " النيران الصديقة " فكيف توجه تهمة أسقطتها، و برأت ساحة الجميع وأصدرت العفو عن الملازم الذي اعترف بإطلاق الرصاص على الرئيس؟
ثالثا: الوكالة التي نشرت الخبر ليست رسمية، هي وكالة مستقلة، و محسوبة على الإسلاميين الذي يعتبرون في هذه الفترة من أشد المناوئين لحكم الرئيس الموريتاني الحالي، ولم يشيروا في الخبر لجهة الاتهام، الشيء الذي يجعلنا أمام خيار واحد هو أن جهة الاتهام هي الوكالة نفسها، وعلى الحكومة المغربية رفع دعوى ضد هذه الوكالة. لتقديم الدليل على هذه التهمة الخطيرة التي تمس العلاقات الطيبة بين البلدين.
رابعا: وأخيرا يا صديقي أنا أقترح على أصابع الاتهام - إذا لم تكن تريد أن تتوقف - أن توجه للبندقية على رأي الشاعر صالح بن سعيد الزهراني
لماذا نلوم الرّصاصه ؟
ألأنَّ الرصاصةَ أول ثغرٍ يقبّلُ رأس القضيّة ؟
أم لأنّا وفي زحمة الزّيف كلٌّ يقدّمُ منّا خلاصـه ؟
إذا كان لابُدّ من قاتلٍ يحملُ الجُرْمَ فالقاتلُ البندقيّه.