|
|
|
|
|
أضيف في 11 نونبر 2012 الساعة 01 : 19
ماذا بعد هذا السباق الدبلوماسي و السياسي و الاقتصادي و العسكري المرهق الذي عرفه ملف الصحراء المغربية منذ السادس من نوفمبر 1975 بانطلاق المسيرة الخضراء نحو المناطق غير المحررة من الاستعمار الاسباني؟ هذا التاريخ يصادف هذه السنة انتخاب الرئيس الأمريكي و ما يمكن أن يعطي من دفعة في اتجاه الحل النهائي لملف الصحراء، وقبله عودة المبعوث الأممي للصحراء كريستوفر روس بعد الأزمة التي خلقها بينه و بين المملكة المغربية باتخاذه موقفا محاذيا لصلب مهمته،إذ غالبا ما كان المغرب يؤكد في جميع المناسبات الرسمية أو في إطار المشاورات أنه سيواصل تعاونه مع المينورسو على أساس المهمة المكلف بها من طرف مجلس الأمن، هذه المهمة التي لا يمكن أن يطالها أي تغيير شكلا و مضمونا . حتى لا نحيد عن التاريخ الذي لا تموت تفاصيله الكبيرة و الدقيقة أيضا ،فمشكل الصحراء كرونولوجيا بدأ مع مؤتمر برلين عام 1884 حيث أقرت الامبرياليات الأوروبية سيادة اسبانيا على منطقة الصحراء الغربية تحت مبرر أنها أرض خلاء ،اسبانيا آنذاك أسست مركزا تجاريا باسم الشركة الإفريقية للتجار والذي تعرض لهجمات الأهالي مما اضطرها إلى إرسال كتيبة عسكرية عام 1886.هنا نتساءل منطقيا كيف تعتبر إسبانيا الصحراء المغربية أرضا خلاء لا سكان فيها و تؤسس بها مركزا تجاريا؟ ثم عندما ترسل كتيبة عسكرية فلابد أن هناك أهالي يدافعون عن سيادة موطنهم،والنتيجة المنطقية تقول أن المنطقة آهلة بالسكان و بالضرورة القانونية و السياسية سوف تكون هناك سلطة حكومية تؤطرهم .و عندما يثور أهالي المنطقة الصحراوية ضدا على الوجود الأجنبي فوق أراضيهم ،هذا يعني أنها تربطهم بحكومتهم روابط قانونية و اقتصادية و تاريخية و لا يقبلون سلطة دخيلة تتحكم في ثرواتهم و مصائرهم حيث يصنفونها استعمارا و احتلالا وجب شرعا و مروءة مقاومته و دحره. من هنا تسقط أطروحة الأرض الخلاء التي استعمرت بها إسبانيا أرضا مسكونة و لها تاريخ حضاري و اقتصادي و سياسي شهدت به الوثائق المعتمدة و التواريخ المتواترة شفهيا و الملاحظات المبثوثة في الكتب التاريخية،و هذا ما أعلنت عنه محكمة العدل الدولية في رأيها حول موضوع التحكيم بالصحراء، وانتهت إلى أن الصحراء لم تكن أرضا غير مملوكة وقت الإحتلال الأسباني واعترفت بوجود روابط قانونية وعلاقات ولاء بمقتضى عقد البيعة بين زعماء القبائل الصحراوية وسلاطين المغرب،فعقد البيعة كتقليد سياسي حاضر بكثافة في الممارسة التاريخية لحكام المغرب عبر التاريخ وصولا إلى الآن شكل مصدرا مهما لمشروعية حكمهم و ركيزة قانونية كعرف دأبت عليه السلالات التي حكمت المغرب في تثبيت أركان الدولة و الحفاظ على روابطها ،و من هنا يمكن اعتبارها عقدا معياريا ترقى إلى قمة تراتبية المعايير. هذا الرأي القانوني الاستشاري هو ما اعتمد عليه المغرب بتسيير مسيرة شعبية مكونة من 350 ألف مواطن مغربي بعد أن خطب الملك الراحل الحسن الثاني في 6 نوفمبر سنة 1975 خطابه الشهير الذي يعلن فيه عن انطلاق مسيرة خضراء كناية عن سلميتها ،و ذلك من اجل تثبيت حق تاريخي و قانوني على أرض كانت دائما جزءا أصيلا من تراب المملكة المغربية كابرا عن كابر و ساهمت في بناء تاريخ و حضارة المغرب منذ زمن بعيد.كنتيجة لهذه المسيرة لم يكن أمام إسبانيا من خيار سوى الدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب وموريتانيا لإنهاء الوجود الاستعماري الأسباني في الصحراء المغربية.طبيعة هذا التفاوض و المتدخلين فيه هو ما أغضب الجزائر التي اعتبرت تهميشها في هذا الشأن إقصاءا سياسيا في ملف اعتبرته يهم مجالها الحيوي، لترد على المغرب بالمساعدة في خلق و دعم و احتضان البوليساريو فوق أراضيها. تبدأ المسيرة الخضراء التي أطلقها الراحل الملك الحسن الثاني في نوفمبر 1975 من أجل تصفية الاستعمار في الصحراء،و يعرف الملف عدة منعطفات و تجاذبات و تدخلات أجنبية حسب المصلحة و الجهة و الأجندة.و يصل هذا التاريخ السادس من نوفمبر 2012 و المغرب و العالم يعرف تحركات و تحولات على مستوى السياسة و الاقتصاد، فالشرق الأوسط و شمال إفريقيا يشهدان لحظة من التحول الحاد تؤثر فيه استمرارية الأزمة الاقتصادية العالمية بما تحمله من تداعيات على مستوى البنى التحتية للدول المتأثرة بها٬و منطقة الساحل والصحراء تحولت إلى بؤرة للأعمال الإجرامية من تهريب و تجارة في السلاح و المخدرات و الرقيق و منطقة مغذية للشبكات المتطرفة عقائديا و سياسيا و انفصاليا و منها البوليساريو التي زاد تهديدها للأمن و الاستقرار ليس فقط على المغرب بل تجاوزها إلى الحاضن الرئيسي لها و المدافعين عن أطروحتها. إن استقرار المنطقة و أمنها و دفع التدخل الأجنبي في شؤونها رهين ببدل الجهد في احتواء التوتر والنزاعات التي سببها هذا الملف ،فالمغرب عبر في كثير من المحطات أن الصحراء مغربية و أبدع في إيجاد حلول مبتكرة منذ الثمانينات من القرن الماضي تتماشى مع حقه التاريخي و القانوني و السياسي، و اعتباره أن المنعطفات الحادة التي عرفتها قضية الصحراء المغربية هي نتيجة الفخاخ التي نصبتها المجموعات المناوئة للحقوق التاريخية و الشرعية للمملكة على أراضيها.و سعت الأمم المتحدة للتسوية في الصحراء المغربية بعد انسحاب إسبانيا في عام 1976 و بعد اندلاع الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من طرف النظام الجزائري و بعد أن تخلت موريتانيا عن كل مطالبها في الصحراء الغربية في 1979. لقد طرحت الأمم المتحدة خيار الاستفتاء بين الانضمام أو الانفصال عن المغرب، انطلاقا من هذا الطرح سارت الأمم المتحدة في ترتيب ظروفه القانونية و العسكرية و السياسية،رغم أن المغرب و البوليساريو لم يوافقا على الاقتراح إلا أنه أفرز نتيجة مهمة و هي وقف إطلاق النار رغم أن عملية الاستفتاء لم تكتمل.ثم يأتي جيمس بيكر بمقترح الحل الثالث المتمثل في الحكم الذاتي الذي رفضته البوليساريو و الجزائر، واللذين سيقبلان بمقترح كوفي عنان الذي جاء بحل التقسيم عام 2002 على أساس ان المغرب له الثلثان و البوليساريو لها الثلث، هذه القسمة المسمومة لم يقبلها المغرب طبعا و هو المتمسك بوحدة ترابه التي عبر عنها مؤخرا للمبعوث الاممي كريستوفر روس بتأكيده على مقترح الحكم الذاتي الموسع و الذي اجمع المجتمع الدولي عليه كحل جدي وذي مصداقية معتبرة. إذن منذ نوفمبر 1975 إلى نوفمبر 2012 تبقى العلاقات بين الجهات الفاعلة الإقليمية متوترة إلى حد كبير و عقبة كئود أمام استكمال هياكل الاتحاد المغاربي و فتح الحدود و ممارسة الشفافية و المصداقية في تناول الحل المقدم من طرف المملكة و اعتباره حلا جذريا لمشكل عَمَّرَ في أدراج المحافل الدولية أكثر من اللازم ،فأمام ما يحدث في المنطقة من تحولات بنيوية و خطيرة لا يمكن نهج الطرح الانفصالي أمام تحولات تقتضي الحد الأدنى من التكتل .فمنطقة الساحل و الصحراء منجم بارود يمكن في أي لحظة أن ينفجر في وجوه من ينفخون في نار اشتعاله أولا ،ثم المنطقة ككل لهذا نقول أن تاريخ 6 نوفمبر لابد من اعتباره مفصليا و فرصة تفاوضية في انطلاق مسيرة أخرى في تناول الملف الملغوم بكثير من الحذر و النية الصادقة في تبني الحل الأمثل و الناجع
|
|
3341 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|