لم يتعطل رد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، طويلا، إذ "سارعت" إلى إصدار تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان برسم 2010، الذي أخرته طويلا، لأن هذا التقرير عادة ما تُصدره في منتصف مارس من كل سنة.
تقرير هذا السنة تميز من جملة ما تميز به :
أولا: أنه يغطي سنة ونصف، بمعنى أنه تعمد أن ينتظر ما سيؤول له مصير حركة 20 فبراير، التي تحضنها الجمعية.
وبما أن هذه الحركة استهوتها لعبة الخروج إلى الشارع، ولم يعد لاستمرارها من وجود بعد التصويت على الدستور الجديد، وبما أن الجمعية متورطة، في هذه الحركة حتى النخاع، وبما أن الرهان، التي لعبته معهما العدل والإحسان لم يؤت من الثمار ما يضمن " إسقاطّ" النظام، فقد كان طبيعيا أن تنشر الجمعية مرثية على جدار حائط المبكى الذي يتمسح به حامل أختام حقوق الإنسان: عبد الحميد أمين.
ثانيا: أن التقرير ينكر كل المكتساب التي تحققت، خلال هذه السنة، بما في ذلك السماح لحركة 20 فبراير بحق بالتظاهر في الشارع العام، وبما في ذلك استضافة أعضاء الجمعية في القنوات العمومية، وبما في ذلك قول أمين أمام الملايين على شاشة "دوزيم" أنه يرفض استمرار البرتكول الملكي في السلام، ووو، وبما في ذلك تعيين أحد المؤسسين للجمعية أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
ثالثا: أن الجمعية صنفت بعض موثري الشغب وأبطال التخريب، من ضمن معتقلي 20 فبراير، ناسية، أنها تنكرت لهم في البداية، واعتبرتهم بمثابة وصمة عار ومجرد تهمة يُراد إلصاقها بالحركة، وهاهي اليوم تحولهم إلى ضحايا وأرقام تشهرهم في وجه الدولة.
رابعا: أن الموضوعية تقتضي رصد بعض الإنجازات التي تحقق في مجال حقوق الإنسان من قبيل منح المجلس الوطني لحقوق الإنسان الصفة التقريرية، ومن قبيل إحداث مؤسسة الوسيط، والإفراج عن العديد من المعتقلي "الإسلاميين" ومعتلقي "الرأي"، وهو ما كان سيضفي على التقرير نوعا من المشروعية. أما الرغبة في "الانتقام" من البلاد عن طريق التقارير المخدومة، والتصريحات، المدفوعة الثمن، للقنوات الأجنبية والوكالات، وفي مقدمتها فرنس 24، لتمويه الحقيقة وإحكام قبضة الأقلية على حساب الأغلبية الساحقة من المغاربة، فلن يغير من وجه الحقيقة التي أعادت لزعماء حزبين سياسيين حريتهما، وأطلقت سراح ما يسمى ببوليساريو الداخل، وأفرجت عن العديد من السجناء الإسلاميين الذين حوكموا في ملفات ترتبط بالتحريض على الإرهاب... وهذا كله لم يذهب سدى إلا في تقارير الجمعية.