في ظل الحديث عن تدخل عسكري محتمل في شمال مالي؛ يثير الاهتمام وجود شباب صحراويين مقاتلين إلى جانب "الجهاديين"، قدموا من مخيمات تيندوف.
في هذا التحقيق نكشف خبايا حول العلاقات بين المافيا والإرهاب.
بتمهل، وبلا رحمة، يتوقع الأزواديون "حرب رمال" قد يطول أمدها لاسترجاع شمال مالي من أياد المقاتلين الإسلاميين؛ حرب يتوقع أن تبدأ في وقت قريب؛ ربما الفصل الأول من 2013،
في تينبكتو، وغاوا، وبوريم، وتاساليت، وفي كل مناطق أزواد، يلاحظ بشكل يومي، تحليق مستمر لطائرات مراقبة تتابع الأوضاع. في حين يبدو الجهاديون مصابون بحمى التحضير لإدارة معاركهم.
وسط نسائم رياح جنون العظمة (البارانويا) زادت كتائب القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد، وأنصار الدين، من الرقابة والضبط، وقامت بتوقيف عدد من المدنيين من سكان مدن أزواد، ممن يتهمون بأنهم من الأعداء المصطفين في الطابور الخامس.
أسلحة ، وكميات من الوقود والذخائر، توجد مخفية تحت الأرض في ستة معسكرات تدريب، افتتحت حديثاً لاستقبال القادمين الجدد لـ"الجهاد" في "ساحلستان" الممتدة من المحيط الأطلسي وحتى دارفور غرب السودان، حيث تجذبهم أيضا علاوات قد تصل إلى 3000 آلاف أورو للشخص الواحد، إضافة إلى فضل المشاركة في "حرب مقدسة".
وبحسب معطيات المخابرات الفرنسية فإن مجموعات صغيرة من الرجال، في حدود 40 أو 60 إلى 300 مائة رجل وصلت إلى تينبكتو وغاوا خلال شهر أكتوبر، وغالبية هذه المجموعات ناطقون بالحسانية، وهي العربية الدارجة التي يتحدثها "البيظان" في موريتانيا، والأقاليم الصحراوية، وأزواد.
في برقية نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية في 21 أكتوبر الماضي، وتقارير أخرى، تتحدث عن انتقال قيادات من جبهة البوليساريو إلى شمال مالي. ورغم أن الجبهة كذبت تلك الأخبار، فإن وزير الشؤون الخارجية الفرنسي من جانبه أكد أن لا علم له بمعلومات حول روابط بين البوليساريو والجهاديين. مضيفا انه من الصعب تصور أن رئيس البوليساريو وقادة الجبهة يرتبطون بمجموعات إرهابية توجد في حالة حرب مفتوحة مع الجزائر؛ الداعم الأساسي للبوليساريو.
غير أنه لا محمد عبد العزيز ولا داعموه الجزائريون بات بامكانهم الوقوف في وجه فيروس السلفية الجهادية الذي بدأ يتسرب في مخيمات اللاجئين في تيندوف، فلم يستطع نظام البوليساريو توقيف عدد كبير من شباب المخيمات الخارجين عن القانون و المغادرين نحو منفاهم الاختياري، بلا رجعة، في متاهات الصحراء المالية للقيام بالجهاد.
من غير الخفي ، على الإطلاق، بالنسبة لانفصاليي جبهة البوليساريو والإعلام الجزائري وجود السلفية الجهادية في مخيمات تيندوف، فليس الأمر ظاهرة جديدة، الجديد فقط هو أن السلفية باتت تمثلها بالفعل حركة "أنصار الشريعة".
نهايات تسعينات القرن الماضي؛ توجه عدد كبير من الطلبة الصحراويين إلى الجزائر للدراسة في جامعاتها التي كانت تعرف وجودا قويا للتيار السلفي، وتوجهوا أيضا إلى معهد جامعة الامام محمد بن سعود (المعهد السعودي) في العاصمة الموريتانية نواكشوط (أغلق في العام 2003)، وبذلك وجد الإسلام الراديكالي صدى واسعا له، و بشكل سريع، في ثلاثة مساجد في مخيمات اللاجئين الصحراويين وهي : جامع عمر ابن الخطاب (مخيم السماره)، وجامع أبوبكر الصديق (مخيم أوسرد)، وجامع الكتاب والسنة (مخيم العيون). وكان ثلاثة أئمة اكتتبوا في المخيمات هم : محمد سالم لحبيشي، آبه ولد صالح، والياس أبو سلمان.
كانت أول مشاركة معروفة للتيار السلفي الراديكالي المنحدر من البوليساريو، خلال محاولة عملية إرهابية في ديسمبر 2003، حين أوقفت الشرطة الموريتانية في نواذيبو، جنديا سابقا في الجيش الشعبي لتحرير الصحراء التابع للبوليساريو، بتهمة سرقة متفجرات.
بدت العملية وكأنها حادث معزول، لكن تبين سريعاً أن المعني بابا ولد محمد باخيلي يعمل لحساب الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي أصبحت تحمل اسم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، منذ يناير 2007.
"حمض النتريك"