عبد الحميد جماهري.
لنا في البلاد سياسيون وقادة مجموعات ممن يرى في المنام أن الله كلفه بالقومة، عوض القيام سجودا وركوعا. ويرى أن الملائكة تصب الماء على يديه للاغتسال، ويرى أنه شبيه بكليم الله موسى، يوارى في السر الرباني حتى يواري النظام في الثرى.
ولنا ايضا منهم من يرى أنه شبيه في سيرة ابراهيم وهو يقول له في المنام إني رأيت انك تذبح ابني!
وهو بذلك اشبه بكبير الموحدين سيدنا ابراهيم عليه سلام الله وصلواته.
وهناك فينا، ومنهم من يعتبر بأن الله سبحانه وتعالى سيجعل لنا مخرجا بالنفط أو بالقناعة.. وأنه لا خوف علينا مع الله سبحانه وعلى أنه هو مبعوث هذه الرسالة الايمانية.
لماذا لا نفكر بجدية بأن يكون للسيد المكي حزبه أو جماعته.
فهو ايضا سيجد له قرابة مع المسيح عليه السلام.
أفليس العلاج في يده، ويكفيه أن يمس المريض حتى يأتيه كالطير في قصة ابن مريم، معافى ومن كل فج عميق؟
ألا يشفي في كل بلدان الدنيا، ولا ينقصه سوى أن يمشي فوق مياه «ضاية عوا كما مشى المسيح عليه السلام فوق بحيرة طبرية؟
ايضا يردد بأن البركة ولدت معه، ويمكنه أن يحقق المعجزات ويخاطب ملوك العالم والرو«اد والأمراء والأميرات، ويمكنه بواسطة اشعة ماء سلطان أو سيدي علي أن يكشف الخلايا الورمية أو يشخص الامراض القاتلة، ويستنكر أن يشكك البعض في قدرته على القضاء على كل الأمراض.
والقضاء على كل الأورام.
وقد يكون من المفيد أن يبدأ مشواره السياسي وزيرا للصحة مثلا، لكي يعوض الخصاص ويملأ الفراغ ، ويعطي ليعطي، ولا يحتاج الى وزارة المالية ولا دواوين ولا خبراء ولا مديريات؟
واذا نجح - وهو يؤكد أنه كذلك - في علاج كل العلل العامة و(مللها ايضا) فيمكنه أن ينتقل - وهو قد يفعل ذلك على طريقة الاولياء والصالحين)- الى معالجة علل الأمة ( ونحلها ومللها)، ويقودنا الى بر الأمان.
ولماذا لا يلتف حوله صاحب البركات الأصولية وصاحب البركات الديموقراطية وصاحب البركات الوطنية وغدا صاحب البركات الماركسية، في جبهة الولاء والابراء، للنهوض بالامة!!
في الزمن الكاشف، الذي لا يفصلنا عن الجنون سوى بضع سنتمترات من المشي صباحا..!!
يمكن لهذا السيناريو أن يجد من ينظر له: مثلا يمكن «لتواتر الأحجيات» أن يخلق فضاء واسعا لنهايتها جميعا في ما يشبه الانتحار الجماعي، ووقتها تبقى الطريق سانحة لبناء الدولةالوطنية الديموقراطية المدنية الحداثية. لكن لا بد من عشرين خطوة الى الوراء ، من أجل عشرين خطوة الى الامام، لكي نحافظ على الأقل على المكان الذي نوجد فيه!!! والمستوى الذي وصلنا إليه.
والحق ان هذه الوصفة من وصفات بدأت توصف كترياق بلا حدود، وغيرمسبوق وله مقدمات ودعائم فلسفية:
ليس العقلانية والمعقول والرزانة والواقعية هي مايقضي على الخرافة، مثلا بل إن الإفراط في الخرافة هو ما يقتل الخرافي.
ولكل مخرف عدو قاتل هو المخرف «أون شاف» (en chef). .
وليس االاصلاح هو ما يقضي على الفساد بل هو الاغراق في الفساد والتضخيم فيه ومنه وبه.
وليس الكبت هو الذي يقتل الجنس بل الافراط في الجنس هو الذي يفعل مضادا للجنس.. وهنا يقال لك بأن السيدا هي المثال الباهر في الباب..
وليس الجهل هو الذي يقضي على العلم أم يمثل ضده، بل هو الافراط في العلم، فانظر عندك مثلا القنبلة النووية، فلن ياتي بها الجهل بل الزيادة في العلم والنبوغ فيه..
(ووحده لحسن الداودي طبعا من يرى أن العلم يقتله.. الادب!!)
وهذا في متوالية علمية
نعتبر أن الشئ لا يقضي عليه ضده, بل عليه أن يزيد عن حده لكي ينقلب الى ضده..
اقول كل هذا وافكر في المكي الصخيرات، الذي يداوي بالمعجزات، ويفحم كبار الاطباء ويحج اليه الناس بالملايين ومن كل فج عميق. وفي كل اصحاب الرؤى.. واقول مع ذلك ما قاله أحد المواطنين العرب في الزمن البعيد للملك المنصور« ,ان الله ارحم بنا من أن يجمعك أنت والطاعون علينا».
وإن الله ارحم بنا من أن يجمع المكي الى من سبقوه من اصحاب الرؤى علينا.