يونس دافقير
مرة أخرى تخلف الحكومة وعودها، على مدى الشهرين الماضين، ظل الوزراء، وخصوصا المنتمون منهم لحزب العدالة والتنمية، يعلنون أن حزمة إجراءات اجتماعية وسياسية قوية سيتم الإعلان عنها بمناسبة عرض مشروع القانون المالي، لكن، وبشهادة الفريق النيابي الإسلامي بمجلس النواب، لا شيء من ذلك يظهر في مرفقات الميزانية.
صحيح أن هناك بعض اللمسات الاجتماعية، لكنها تبقى في حدود الرتوشات، لكن التدابير الفورية وذات الوقع المباشر على حياة المواطنين، تغيب عن ثاني قانون مالية تعده حكومة عبد الإلاه ابن كيران، وبالنتيجة، هناك دعوة مفتوحة لمزيد من الانتظارية التي لا يتحملها فقراء البلد الذين لا تهمهم التوازنات الماكرواقتصادية ومعدلات العجز والتضخم، بقدر ما يستهويهم حجم حضور التدبير الملموس في معيشهم اليومي.
صراحة، ومع الأخذ بعين الاعتبار ظروف الأزمة الاقتصادية الأوروبية، وشبح تقلبات أسعار المواد الأولية في السوق الدولية، جاء مشروع قانون المالية صادما، إنه لا يعكس الزخم السياسي للمرحلة التي عاشها المغرب، ولا يتجاوب مع ضخامة الانتظارات التي صنعها خطاب السياسيين، فبدا كما لو أنه قانون عادي لزمن عادي، بل إن حديثه عن ظروف الأزمة لا يواكبه حتى عرض التدابير التي سنواجه بها هذه الأزمة.
لنقل بوضوح إنه مشروع قانون مالية لا ينتج الشغل، مثلما لا يعيد التوازن إلى الخلل في منظومة الأجور، وهو انتقائي في اختياراته الضريبية حين اختار أن يثقل كاهل الطبقة الوسطى بضرائب جديدة بدل تضريب القطاعات المعفية أو المهربة من الضريبة، وبين هذا وذاك، لا يبشر بأي إصلاح قريب للملفات الأكثر ملحاحية، فلا صندوق المقاصة ولا صناديق التقاعد تبدو وصفات علاجها في المتناول…
في النهاية كل شيء رهن الانتظار، في التعليم والسكن، في الشغل والصحة، في الضرائب والأجور… إنه زمن حكومي يرهن المغاربة في قاعة انتظار اسمها مزيدا من الفرص والوقت لحكومة تبين عن مستويات عليا في الهواية التدبيرية، ونقص في الشجاعة الإصلاحية. رغم ما يسم خطابها من جرأة تبقى في حدود الألفاظ.