يتوجه الاميركيون اليوم لإنتخاب رئيسهم الخامس والاربعين وسط جو من الغموض يحيط بالنتائج المتوقعة بعدما اظهرت الاستطلاعات الاخيرة تعادلاً بين المتنافسين الديموقراطي باراك اوباما والجمهوري ميت رومني، بحيث يحسم النتيجة “المترددون” في اوهايو وفيرجينيا وفي فلوريدا ولاية المفاجآت.
السؤال التقليدي الذي يطرح منذ البداية في المنطقة العربية كما في كل دول العالم هو من سيكون الأفضل لنا اوباما في ولاية ثانية ام رومني في عهد جديد؟ لكنني من الذين يحبذون سخرية المرارة في طرح السؤال بالقول مثلاً: من سيكون غداً “أبينا الذي في البيت الابيض” ابن حسين اوباما الذي إستبشر به العرب مصفّقين قبل اربعة اعوام لينتهوا بخيبة عظيمة، ام رومني واضع القلنسوة اليهودية على رأسه امام حائط المبكى والذي تتخوف منه أمة العرب أوطاني؟
قياساً بالواقع الاميركي المتصل، اولاً بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وثانياً بالإنفلاش العسكري فوق الجغرافيا العالمية وتنامي سياسة الميل الى الإنسحاب، وثالثاً بمراكز القوى وتكتلات المصالح الخلفية الكبرى [الصناعات الثقيلة والنفط والمصارف] المتحالفة مع اليمين المتطرف في ما يعرف بـ” حفلة الشاي”، قياساً بكل هذا يمكن القول إنه اياً يكن الرئيس الذي سيحكم البيت الابيض غداً، فإننا في المنطقة العربية امام وجهين لعملة واحدة بإعتبار ان السياسة الخارجية الاميركية حيال المنطقة لن تتغير سواء بقي اوباما او جاء رومني، ولأنه بات من المعروف منذ نهاية عهد دوايت ايزنهاور في الخمسينيات ان المصالح الاميركية هي التي تصنع الرؤساء وسياستهم الخارجية لا الرؤساء هم الذين يصنعونها!
ليس من الحكمة المراهنة على وهم “اوباما المقتدر” في ولايته الثانية بحيث يمكنه تنفيذ وعوده الزهرية التي اطلقها في بداية عهده حيال فلسطين مثلاً، وهو الذي لم يستطع ترجمة “رؤية الدولتين” لجورج بوش الجمهوري، كما ليس من الحكمة المبالغة في الخوف من ان يعيد رومني سياسة التهور “البوشي” بعد “غزوة نيويورك”، ومن الضروري ان نتذكر شعارات اوباما عن “التغيير الاميركي” الذي اختار الشرق الاوسط مدخلاً لاثباته ولكن سرعان ما تمكن نتنياهو من ليّ ذراعه فارضاً عليه تغيير “اوهامه” ووعوده في القاهرة وانقرة .
بالنسبة الى الشرق الاوسط، رومني الجمهوري واوباما الديموقراطي هما فعلاً وجهان لعملة اميركية واحدة، ولفلسطين تحديداً فان اوباما المحاصر اسرائيلياً وصهيونياً كان معطلاً وسيبقى. اما رومني الممسوك اسرائيلياً فهو معطل اصلاً. وبالنسبة الى المنطقة وهمومها اي ما يتصل بالنوويات والإستفزاز الايراني في الاقليم في مقابل”الربيع العربي”وما فيه من لحى اكثر من الزهور، فالسياسة الاميركية واحدة، اي السهر على رعاية توازن الرعب بين السنّة والشيعة بحيث يستمر ضمان ايران منهكة في مقابل عرب مطواعين … لتستمر اسرائيل المطمئنة !