حميد زيد.
كما لو أن المغاربة يعانون من مشكل مع الجمال، فكل" الغضب" و"الاستنكار" و"التنديد" ركز على كون تلك البنات حسناوات وجميلات، وكل عناوين المواقع والجرائد فعلت نفس الشيء، وهو ما يفهم منه أن نفس الفتيات، كان يمكن لهن أن يلتقطن صورا وهن مارات أمام المسجد، شرط أن يكن بشعات وقبيحات ودميمات.
البشاعة غير مؤذية، كما يبدو، لمشاعر "المؤمنين"، لا ضير أبدا أن تمر البشاعة في الشارع وأن تلبس ما تشاء، أما الجمال فهو الفتنة تمشي على أقدامها، وعلينا أن أن ننشىء مجموعات ل"ثوار المغرب" في الفيسبوك للتحذير منه. إن الجمال يقتل ويدنس ويغوي ويفسد.
لقد اتخذ المرور من أمام المسجد كذريعة لتصريف حقد تربينا عليه ضد الجمال، والذين جعلوا من تلك الصور قضية وطنية ودينية، يرفضون في قرارة أنفسهم مشاهدة صور الجمال في التلفزيون وفي اللوحات وفي السينما وفي الحياة عموما، والعالم كي يستحق اسمه، عليه أن يكون، في نظرهم بشعا ودميما، وإلا فهو كافر ومستفز للمشاعر.
خطر الفتيات البلجيكيات الأول على المغرب كان هو جمالهن وفتنتهن التي تأسر، رغم أن المسألة يمكن أن يكون فيها نقاش، وبعد ذلك يأتي لباسهن"غير المحتشم"في درجة ثانية من الخطورة.
حتى لو يكن المسجد ظاهرا في الصورة كخلفية، فالجمال في نظر الغاضبين والمستنكرين حرام، ويجب أن يتغطى ويتحجب ويتبرقع، في حين يشجع هؤلاء على شيوع القبح في الشارع العام ولا يزعجهم أبدا غياب النظافة وتعميم الفوضى وغياب الذوق، ما دامت هذه الأشياء تحجب الحسن الذي يؤدي إلى التهلكة.
الأدهى أن تلك الجميلات التقطن صورا مع رجل أمن يرمز للسلطة، والسلطة هي الأخرى، حسب تعريف أنصار القبح، يجب أن تكون دميمة وقبيحة وألا تقترب من الجمال، عليها أن تحتفظ بصورتها وسمعتها، وأن تبقى بشعة ومخيفة وقامعة ومتسلطة وتخلق الهلع والرعب في النفوس، وبإقدامها على تلك الخطوة، فإنها في نظرهم، قد خانت وظيفتها التي خلقت من أجلها، وأنها قد تخلت عن حماية أمن الناس، هكذا، كما كتب أحد المستنكرين.
هناك للأسف جزء كبير من المغاربة يفكر بهذه الطريقة، ويعتبر الجمال خطرا على المغرب، ولكي يحافظ المغرب على هويته، عليه أن يخبئ الجمال ويغطيه ويسجنه، وأن يمنع خروجه وظهوره، لأن القبح أفضل ويقي الناس من الفتنة، أما إذا جاء الجمال وزارنا على شكل أجنبيات شقراوات، فهذه مؤامرة، ومن لا يندد بها فلا غيرة له.
كونوا، إذا، دميمات ودميمين، أيها المغاربة، حاربوا الجمال وغطوه بالقماش الأسود، إنه وجه الشيطان البشع متنكرا في صورة فتيات حسناوات، جاء من الغرب، ليثير شهواتكم ويدنس معتقداتكم من خلال صور ملتقطة، كل واحد منكم يريد أن يتملى فيها خفية ودون أن يراه الآخرون.