من أغرب ما قرأت قبل أيام «خبرا» يفيد أن القصر الملكي شكل خلية أزمة، مهمتها وضع استراتيجية تواصلية للحد من المنافسة التي يشكلها عبد الإله ابن كيران للملك، وإمعانا في الغرابة يرد في متتاليات «الخبر» قبل يومين أن «حرب الصورة تصل مداها بين القصر والعدالة والتنمية. وتعيين ناطق رسمي باسم القصر فصل جديد منها». وقد ذهب بي الاستغراب لدرجة اعتقدت معها لوهلة أن الملك وابن كيران سيتواجهان في دائرة انتخابية واحدة في الإنتخابات التشريعية المقبلة !!.
ليس ذلك فحسب، فهذا «الخبر» في تحليله لتعيين ناطق باسم القصر ينطلق من أن «شعبية بنكيران بلغت نسبة كبيرة واصبح مروره في البرلمان او في برامج تلفزيونية يحقق نسبة مشاهدة كبيرة وهذا الامر ضايق القصر »، كما أن « تنامي شعبية رئيس الحكومة جعل القصر يتحرك بسرعة».
وليضفي «التحليل» على استنتاجاته، التي يعوزها المنطق، قدرا أكبر من اليقينية، ينقل عن قيادي في العدالة والتنمية قوله «بأنه مقابل هذا المد التواصلي لتحسين صورة الملك تلقى عبد الاله بنكيران وحكومته خاصة وزراء العدالة والتنمية ضربات موجعة حركتها “جهات” وأن المخزن لجأ إلى أسلوب آخر هو دعم ظهور شخصيات سياسية، مثل حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال الذي ملأ الصحافة المحلية والدولية في الأسابيع الأخيرة وغطى على رئيس الحكومة وأضحى نجما إعلاميا».
هكذا يختار بعضنا دائما أن يقرأ الوقائع الإيجابية القراءة الخطأ، وأن يبحث عن الإثارة في ما يستدعي النضج والمسؤولية، ويبحث دائما عن النصف الفارغ من الكأس، فحين سحب القصر الملكي منصب الناطق الرسمي طالته الانتقادات بسبب عدم تواصله، وحين أعاد العمل بهذا المنصب بداية الأسبوع الجاري، بدأت محاكمة النوايا واختلاق منافسات لا وجود لها إلا في الأنظمة الجمهورية.
في الواقع هي تفاهات في التحليل والاستنتاج، ومع ذلك لابأس من التذكير بأن الملك ليس رئيس جمهورية منتخب حتى يخوض منافسات الشعبية مع قادة الأحزاب، كما أن شعبية الملكية في المغرب لم تكن أبدا في موضع يستدعي تلميع الصورة، إن تعيين ناطق رسمي باسم القصر الملكي إن كان يعبر في التجربة الأولى عن توجه نحو التحديث، فإنه في تجربته الحالية يستجيب لحاجة دستورية، هي بكل بساطة امتلاك لسان ينطق باسم المجالات الخاصة التي أفردها الدستور للملك ولم يعد التعبير عنها من صلاحيات الناطق الرسمي باسم الحكومة.