أبو زيد يطالب مصطفى الخلفي بالعين الحمراء مع الصحافيين، وحسن الكتاني يطالب بمنع “الأيام” من الصدور. مرحبا آسيدي، أصلا لم يعد يفاجئنا شيء منكم على الإطلاق. ومع ذلك لا بد من بعض الكلام.
بالنسبة لصاحب العين الحمراء، الكل يعرف أنه مثلما تقول الأغنية الشعبية الشمالية الجميلة “النار الحمرا فالجوف ديالو شاعلة” من جهة كل أنواع الحريات، وهو رجل متطرف للغاية وجد السبيل إلى البرلمان لكي يبث عبره بين الفينة والأخرى بعضا من هذا الغلو الخطير الذي يغلبه بين الفينة والأخرى فيعجز عن إخفائه ويجاهر به بين كل الناس.
والرجل في هاته النازلة بالتحديد تساءل _وقد أعطاه بعض منا هاته الفرصة سامحهم الله_ “ما الذ يمكن فعله بعد التكذيب والإنكار مع جريدة إذا تمادت في كذبها؟”.
السؤال مقبول، وهو ليس حراما وهناك أجوبة مهنية عليه ممكنة جدا، أول من يعرفها هو مصطفى الخلفي وزير الاتصال، الذي يمكن لحزبه أن يثق في قدراته على تسيير هذا القطاع لا أن يشكك فيه كل مرة بمثل هذا الكلام، وبدفعه نحو تطرف لا معنى له إطلاقا وهو يرتدي قبعة الوزير.
لكن الفرق بين طرح السؤال وانتظار إجابة “أهل الذكر” عليه إن كنتم لا تعلمون مثلما هي حالة المقرئ في الصحافة، وبين “يجب أن تظهروا لهم العين الحمراء”، فرق كبير للغاية، لم ينجح يوم الاثنين الفارط إلا في إخافتنا للمرة المليون بعد الألف من هؤلاء القادمين على صهوة الانتخابات التشريعية لكي يظهروا لنا العين الحمراء في البلد.
عبارة مثل هاته لا وجود لها في القانون، السيد المقرئ. العين الحمراء أظهرها لأبنائك أو لعشيرتك ومقربيك، وأنت تريد تربيتهم. أما الصحافيون فقادرون على أن يظهروا لك ما يفوق هاته العين الحمراء بكثير. هناك قانون سعادة البرلماني في البلد، يمكن اللجوء إليه عوض الهروب إلى هاته العبارات الفاضحة التي تكشف مستوى بعض نوابنا البرلمانيين، غفر الله لهم، وغفر لمن أتاح لهم الوصول إلى قبة البرلمان.
ونحن أول من ينتقد بعضنا البعض إذا ما أخطأنا أو تجاوزنا، وفي مسألة الأثار التي قيل إنها خربت وثبت أن الأمر لم يتم، لم تتعامل كل الصحافة بنفس التعامل، وهناك جرائد تبينت قبل أن تكتب ولم تفعل شيئا، وهناك جرائد وثقت في مصادرها وكتبت، وكل هذا مقبول ويتم في كل بلدان العالم. الشيء الوحيد الذي لا يتم هو أن يخرج نائب برلماني موتور علينا بعبارة مثل عبارة “بينو ليهم العين الحمرا”، التي تدل على شيء واحد فقط هو أنك لا زلت تعيش بذهنك في مغرب آخر لا علاقة له بمغرب الحرية والربيع العربي والعهد الجديد وكل الشعارات التي ترددها دونما اقتناع بها مثلما أثبت ذلك يوم الإثنين.
نأتي الآن إلى “ولد القاع والباع”. سيدي حسن الكتاني سليل الأسرة الكتانية الكريمة، وصاحب التعليم الأمريكي مثلما تخبرنا بذلك باستمرار الصحافة التي تكتب عنه. أخونا في الله “مقلق بزاف على الأيام”، ويقترح ماذا تبارك الله؟ يقترح منعها من الصدور بكل بساطة.
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا. أهلنا من سلفيي العقل ومعطليه يبدون بالفعل غير قادرين على فهم المعادلة المغربية نهائيا وإن كانوا من أبناء هذا الوطن، بل ومن أبناء الأسر الثرية والنافذة فيه التي استفادت على الدوام من خيرات هذا الوطن، ومن “كل شيء فيه”. نحن في بلد لا يمنع أحدا من الصدور لمجرد أنه لم يرق لسعادة شيخ سلفي متطرف، مهما كانت رفعة أسرة هذا الشيخ العجيب.
نحن في بلد يؤسس لمساره الصحافي من البدء، ويحاول العثور على مكامن أكبر للحرية عساها تنفذ للمسام, وتسكن العقل، وتقنع الأهل هنا وهناك بأنه من الممكن لنا أن نكون ناضجين بما فيه الكفاية لكي نفعل ونقول كل مانريد وفق المسموح به قانونيا طبعا دون أن يخرج علينا موتور من الموتورين يقول لنا “يا الله. جمعو قلوعكم سالينا”.
لذلك ليعذرنا كثيرا المقرئ “اللي قاري الحسيفة فالصحافة”، وليعذرنا شيخه حسن سليل آل الكتاني الأكارم، لكننا نحتفظ بتصور آخر للأشياء مخالف تماما عليهم أن يقتنعوا به معنا هو أن البلد لن يقمع أبناءه ولن يرهب صحافته لمجرد أن يبدو جيدا في نظر المتطرفين.
على الأقل الآن. غدا أو بعد غد إذا ماسقط البلد _لا قدر الله_ بين أيدي جهلكم، افعلوا فيه ما تشاؤون، والأمر لن يهم أي واحد منا، فنحن نعرف اعتمادا على ما تقولونه وتفكرون فيه الآن، أنكم ستشنقوننا جميعا في الساحات العامة، وسترتاحون.
لمختار لغزيوي