طبول الحرب تدق في شمالي مالي. أفواج من المقاتلين يتدفقون إلى مختلف التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على المنطقة. ذلك ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية التي أكدت وصول المئات منهم لتعزيز عناصر الجماعات الإرهابية الذين يقارب عددهم الثلاثة آلاف.
المجندون الجدد في صفوف التنظيمات الإرهابية ينتمون إلى جنسيات سودانية وأيضا من شبان مخيمات تندوف الصحراء ومن جنسيات أخرى. الوكالة ذاتها نقلت عن شهود عيان أنهم وصلوا نهاية الاسبوع المنصرم إلى شمال مالي استعدادا لحرب قد تدور رحاها بين قوات أجنبية ومقاتلي جماعة أنصار الدين وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لاستعاد السيطرة على ذلك الجزء من شمالي بعد فقدان السيطرة عليه منذ اسقاط نظام الرئيس أمادو توماني توري.
المقاتلون الجدد وخاصة المنتمين إلى مخيمات تندوف وصلوا إلى منطقة تومبوكتو (شمال غرب) وغاو (شمال شرق)،، كما أكد مسؤول مالي للوكالة الفرنسية للأنباء. أحد سكان تمبوكتو أشار بدوره أن أكثر من 150 إسلاميا سودانيا وصلوا في غضون 48 ساعة الى المدينة، وقال للوكالة «إنهم مسلحون أتوا لمساعدة أشقائهم المسلمين ضد الكفرة».
المجندون الجدد التحقوا في مدينة غاو بما يسمى «الشرطة الاسلامية» في حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا التي تسيطر على المدينة. وأكد شاهد من منظمة إنسانية للوكالة أنه شاهد عشر سيارات «بيكوب» مكتظة بمسلحين يتوجهون الى الشرطة الاسلامية. ذات الأمر أكده النيجيري حبيب ولد يوسف أحد قادة حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا في غاو، موضحا أنهم «قادمون من مخيمات تندوف في الجزائر ومن السنغال ومن ساحل العاج, من كل مكان». قبل ذلك كان وزير الدفاع في الكيان الوهمي محمد لامين البوهالي قد كشف في صتريح ليومية اسبانية انتماء ما بين 20 إلى 30 عنصرا ينحدرون من مخيمات اللاجئين بتندوف إلى جماعات تابعة لتنظيم القاعدة بالساحل والصحراء.
قدوم التعزيزات من المجندين الجدد إلى التنظيمات الإرهابية بشمال مالي، يأتي بعد يومين من اجتماع دولي على أعلى مستوى في باماكو لإرسال قوة مسلحة من دول غرب افريقيا تدعمها الامم المتحدة لاستعادة السيطرة على هذه المنطقة التي تحتلها مجموعات مسلحة بقيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي منذ قرابة سبعة اشهر.
فرنسا التي لا تزال القاعدة تحتفظ بتسعة أوروبيين بينهم ستة من مواطنيها، قررت استئناف تعاونها العسكري مع مالي الذي قطع منذ انقلاب مارس المنصرم. مجلس الأمن الدولي بدوره اتخد بدوره قرارا في الثاني عشر من أكتوبر المنصرم يمهل فيه مجلس الأمن الدولي الدول الافريقية 45 يوما لتوضيح خطط تدخلها العسكري من أجل استعادة شمال مالي الذي تحتله منذ أبريل حركات اسلامية مسلحة.
قبل أن تشير وكالات الأنباء لتجنيد مقاتلين من شباب مخيمات تندوف سبق أن أكد تقرير صادر عن المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والذي يوجد مقره في بروكسل عن تحول مخيمات تندوف إلى ما يشبه «منجم ذهب محتمل» بالنسبة لمستقطبي عناصر مجموعات تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وأبرز أن «أعضاء نشيطين من الحركة يبحثون عن عائدات إضافية، على غرار المرتزقة الذين يسعون إلى تصريف تجربتهم السابقة داخل الأجهزة العسكرية للحركة الانفصالية الصحراوية بإمكانهم الانخراط في الإرهاب بعد ممارستهم مختلف أشكال التهريب.
تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، حسب المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية، لاحظ أنه «منذ بضع سنوات أولى اهتماما متزايدا بجبهة «البوليساريو»، التي أصبحت أحد الروافد الرئيسية للاستقطاب والتجنيد بالنسبة للمنظمة الإرهابية. الشبان الصحراويين اليائسين يمكن استقطابهم بإيديولوجيا تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، خاصة أن التنظيمات الإرهابية القوية لها خبرة في مجال انتقاء الأشخاص المعرضين لهشاشة من هذا القبيل».
الالتحاق بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتبني إيديولوجيته الجهادية لا يهمان فقط «جنود» جبهة «البوليساريو»، بل إن « أطرا بهذه المنظمة أصابتهم هذه العدوى، مما قد يشكل خطرا كبيرا، لأن بإمكان هؤلاء الأعضاء البارزين التأثير على آخرين، وبالتالي، تشكيل أقطاب حقيقية للاستقطاب الإسلامي داخل المخيمات».
إعداد: أوسي موح لحسن