حميد زيد.
يريد أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، أن يأخذ الدولة المغربية بالكامل. إنه ضجران وفاقد للصبر، ويريدها بلا نقصان. لم يعد يحتمل ويرغب أن يأتي كل شيء دفعة واحدة.
رجاء امنحوا له الدولة ليرتاح، إنه يصرخ منذ مدة ولا أحد يهتم به، امنحوها له ليهدأ باله، فالدولة المغربية تؤخذ كاملة أو لا تؤخذ، ولا يصح أن تمنح لإخوانه بالتقسيط.
العالم تغير ولم يعد من المقبول أن يصمت الريسوني، إنه الوقت المناسب لانتزاع كل شيء من الدولة.
الريسوني ممتعض لأن للدولة المغربية هيبتها، والدولة لتكون كذلك عليها أن تفقد تلك الهيبة، هيا، لنطرد القضاة والمحاكم والإدارات والأمن وكل الأجهزة العلنية والسرية، فالوقت لم يعد يسعف، والريسوني يريدها الآن، هيا، بسرعة، لنطرد الدولة المغربية ولنضع بدلها دولة الريسوني.
لا يجوز أبدا أن يبقى علماء الدولة تابعين للدولة، عيب أن تراقبهم وتبحث في انتماءاتهم، أيمكن أن تكون هناك دولة في العالم تفعل ذلك، لا، لا، مثل هذه الدولة يجب أن تزول وتنتهي الآن، لأن الدولة التي تحترم نفسها وتسمى فعلا دولة هي التي يتبع فيها رجال الدين الفقيه الريسوني، وغير ذلك لا يجوز.
يريد الريسوني دولة على هواه، اصنعوها له وإلا غضب، ولا أحد يمكنه حينها أن يهدىء من روعه. إن الدولة في نظره الآن عتيقة ومتخلفة واستبدادية، والريسوني، كما نعرف حداثي وتقدمي وديمقراطي، لا تتأخروا، هيا، امنحوها له، وغيروا العلماء، ضعوا النهاري والمغراوي وباقي شلة الإخوان والسلفيين في المجلس العلمي وفي وزارة الأوقاف لنتقي شر غضبته.
كل دولة لا تفعل ذلك لا تستحق أن تحمل هذا الاسم، وعار أن لا يكون كل شيء تحت إمرة الريسوني، لقد قالها قبل أسابيع، هناك ملاحدة متغلغلون في دواليب الدولة، ويجب إلقاء القبض عليهم.
لنلغ الأحزاب قبل فوات الأوان، لنلغ الشرطة والمعارضة والأحزاب المتحالفة مع بنكيران، لأن الريسوني لا يمكنه أن يفكر وسط كل هذه الفوضى، ولكي تكون الدولة عليها أن تسلم قيادها له.
لقد رأى الدولة الحديثة موجودة في قطر والسعودية، بينما لم يعثر عليها هنا ويزعجه كثيرا أن تكون لها هيبة، مرحبا إذن بالفوضى، ولتسقط السلطة، مادام الإسلاميون نجحوا في الانتخابات، فالدولة صارت لهم وعلى الجميع أن يرضخ.
يجب أن يتغير كل شيء الآن، وليتحقق ذلك تنازل الريسوني عن مكانته وتحول إلى صحفي، يكتب في الصفحة الأولى في جريدة مقالات، وهي نفس الجريدة التي تجري معه حوارا جميلا بأسئلة ناعمة ورقيقة جدا، ليقول إنه يفهم في كل شيء ويعرف كل شيء يتعلق بالدولة، أما حين يتعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية، يجيب بأنه لم ير ولم يسمع ولم يقرأ وكان غائبا، وأنه كان مشغولا ولم يتمكن من الاطلاع على جريمة القرضاوي وقرأها مختصرة هي الأخرى.
سلموها له إذن، أعطوه الصحافة والعدالة ووزارة الأوقاف والمجلس العلمي والسينما والأدب والمخابرات والأمن والأحزاب، سلموا له المغرب دفعة واحدة، فالرجل يعتقد فعلا أن هذا البلد أصبح في ملكيته، وأن الدولة طوع بنانه وعليه أن يأخذها، لقد نفد صبره وإن لم نمنح له الدولة، فلا أحد يضمن ماذا سيقول لنا في الأسبوع القادم، مادام أنه مسؤول عنا جميعا، ومادام أنه حين يجتمع بأتباعه يوهمونه أنه فعلا كذلك، وخوفا عليه بأن يطالب برؤوسنا جميعا، لنمنحه ما يريد، لأن الدولة تهون أمام عظمة الريسوني، وذلك لكي لا يغضب ويزمجر ويطردنا ويحتفظ بمن يريد في دولته، ولكي يبقى هو الوحيد الذي له هيبة ولا يتطاول عليه أحد.