في كل مرة تواجه فيها جماعة العدل والإحسان مأزقا حقيقيا، تلجأ إلى الخرافات والأساطير والأوهام. فقد دأبت على محاولات التنفيس عن أزماتها العميقة بهذه الطريقة التي تعبث على الشفقة، من منطلق بؤس التفكير وضيق الأفق.
من يذكر الحالة الدعائية التي أحاطت بها الجماعة "قومتها" التي لم تقم أبدا، يعرف جيدا أن اللجوء إلى استعمال الخرافات والرجم بالغيب، أصبح من مميزات شعارات الجماعة، وليس غريبا أن تتناسل الخرافات والأوهام لتبرير الخروج إلى الشارع، في محاولات يائسة لركوب الموجة. بعد أن تأكد للجماعة أن رهانها على الفوضى والفتنة انتهى إلى الفشل. ولم يعد أمامها سوى اختراع كذبة جديدة أطلقت عليها اسم النزول إلى الشارع، وفاء لمن تصنفهم ب "شهداء" وهميين، لا يوجدون إلا في مخيلة مخترعي "القومة" والكذب على الناس.
الجميع يعرف أن انقضاض جماعة العدل والإحسان على حركة 20 فبراير كان أشبه بحصان طروادة لإخفاء نزعة تدميرية ضد كل ما هو سلمي وحضاري ومدني إلى درجة أن "شيوخ " الجماعة يتصابون في العودة إلى أيام الشباب. ويا ليثهم فعلوا ذلك وهم يقاسمون الحركة في مطالبها وتطلعاتها. بل بعكس ذلك عملوا بعناد وإصرار على إفراغ تلك المطالب من مضمونها. وأصبح كل ما يعنيهم منها هو الاستغلال السياسي والتحريض على محاولات تبخيس الجهود الايجابية التي أظهرت الشعب المغربي، بكل فئاته وقواه الحية ومكوناته المختلفة، في أتم الوعي ومنتهى الإدراك بأنه يسير في الاتجاه الصحيح.
لم يبق أمام الجماعة وقد ووجهت دعواتها التحريضية بالرفض المطلق سوى أن تفتعل أشياء وهمية لتبرير نزولها إلى الشارع، علما أنه ما من مبرر تستطيع اليوم أن يصمد أمام وعي الشارع المغربي الذي كان على موعد مع صنع تاريخ جديد من الانجازات الدستورية التي حياها العالم المتحضر برمته. فمن نصدق إذن؟ هل قادة العالم وزعماؤه الذين يدعون إلى حذو مسار التجربة المغربية الفريدة من نوعها، على طريق الإصلاحات الشاملة التي يشارك فيها كل فئات الشعب المغربي أم أوهام الجماعة التي لم تكن يوما تقيم وزنا لمفاهيم الديمقراطية والحرية واحترام التعددية وحق الاختلاف؟.
آخر تقليعة صدرت عن جماعة العدل والإحسان هي الدعوة إلى الخروج إلى الشارع تحت شعار إحياء ذكريات شهداء مزعومين. وما يبعث على الحيرة والشفقة أن روح الإبداع لدى هؤلاء توقفت عند جلب نماذج من دول أخرى لا علاقة لها بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. كي يقال أن للحركة شهداؤها كذلك.
الأمر يدعو إلى الارتياب لأن المراد من العزف على هذه المقطوعة الحزينة حقا، هو الإيحاء بأن هناك ضحايا وهناك أعمال عنف، وبالتالي تزعم الجماعة، كما دأبت على ذلك دائما، أنها مظلومة. مع أن الظلم الحقيقي يكمن في محاولات الاستهتار بمشاعر وتقاليد الشعب المغربي. أو لبست هذه الخرافة جديدة تشبه الإيحاء بالقومة المتغلغلة في عقول دعاة الفتنة والأحقاد.
نخشى القول إن الجماعة صارت مثل أشعب الطماع في حكاياته عن الولائم. فقد تصور يوما من فرض كذبه على الناس أن هناك ولائم. وصدق أكذوبته قبل أن يظفر من الغنيمة بالوهم وخيبة الأمل. وأمام هذه الحالة لن نطلب من الطماعين الجدد أن يدلونا على أسماء شهدائهم الافتراضيين.
وإذا كانت الحجة على من ادعى، فإن حجة المغاربة ضد دعاة الفتنة أن أحدا لم يعد يعيرهم الاهتمام. فقد اختاروا أن يواجهوا صلابة الشعب المغربي في عرينه المطوق بحماية ثوابت الأمة. وكان عليهم أن يواجهوا أنفسهم بمظاهر الفشل الذي منوا به، فأصبحوا منعزلين خاسئين يلوكون الوهم والكذب.