|
|
|
|
|
أضيف في 18 أكتوبر 2012 الساعة 02 : 13
عندما يقف الشعب بكل مكوناته في وجه الرياح العاتية التي تحاول بطبيعتها المدمرة أن تقتلعه من جذوره ، لابد من التساؤل هنا هل الزمان و ما يحمله من متناقضات و مفاجئات و أقدار متناغمة مع غموضه و قسوته في الحب و الكره، هل ممكن أن يسير حسب مبتغانا و أهواءنا؟هنا تتفاوت الإجابات و تتنوع فمنهم من يقول بطرق الأبواب العديدة للزمن والتاريخ و دفعها دفعا من أجل الإلتقاء مع الأهداف المرجوة، في جانب آخر هناك من قال بإعمال الحيلة للتعامل الفذ و المستريح مع العالم المتسارع حتى لا يتم الشعور بالتناقض والحيرة إزاء كل ما هو وافد من قيم أو ثقافات و سياسات أو مشاكل طارئة و ربما متجذرة. الحيلة هي خطة واضحة المعالم تلتزم بإعمال حي و متقد للفكر سواء على صعيد الأفراد أو الحكومة أو المؤسسات غير الحكومية، من اجل إيجاد حلول لما يواجهه هذا الشعب من مشاكل متنوعة و متشابكة أحيانا ،مشاكل تتقاطع و تتناسل و تتراكم عندما لا تجد حلولا مبنية على قراءات مستقبلية و خطط متناغمة مع مستوى التطلع و إكراهات الواقع الفكري و الاقتصادي و البيئي و السياسي و العرقي ،و كذا الأخذ بعين الاعتبار ما هو ديني و علاقته بالسياسي في تشكيل خارطة متنوعة من الحلول ووضعها بشكل موضوعي و فعال على طاولة صانع القرار. عندما نستقرئ معنى الحيلة نرى أنها خليط متجانس من الحذْق وجَودةُ النظر والقدرة على دقة التصرف في كل ما يعترض الطريق من إشكالات و طوارئ، و لما نرى أن هناك أموال تستنزف و طاقات بشرية تتعرض للتدمير و التيئيس بشتى الوسائل،نقول بأننا نفتقد إلى إعمال جيد و كبير لمفهوم الحيلة الحقيقي فيما يتعلق بأمورنا الحياتية من اجل إيجاد حلول ناجعة لما نواجهه اليوم من مشاكل متنوعة و على كل شكل و لون وتحديات جسام. على سبيل المثال نحن نفتقر إلى تخطيط بعيد المدى للمدينة فالهندسة الأولى و البسيطة تحيلها الى مجال غير قابل للعيش بفعل الامتدادات العشوائية و البعيدة عن أي حس جمالي يعطي لكل مدينة طابعها التي تعرف به و تحافظ عليه و يتطور معها من غير إرباك .و عندما نقول إن مدننا تختنق ازدحاما نجد أن المشكلة ليست في كثرة السيارات فقط بل أيضا عدم إعمال للحيلة في تخطيط المدن نفسها. و نطرح السؤال عن ما المغزى من رسم مخططات مدن بطرقها و مرافقها و حدائقها و إنارتها... بعقلية الحاضر و الماضي و لا تراعي ما سيحدث في مستقبل الايام لتلك المدينة.انظر إلى ذلك الطراز من الطرقات الضيقة غير المتماشية مع ما يحدث من تطور و ازدحام، و ما يرافق ذلك من متطلبات السكان الكثيرة و غير التقليدية فأنت ترى المدن قد أصبحت مكتظة و لا تحتمل ذلك الكم من السيارات و الراجلين ،و هنا تقع الكوارث المتمثلة على سبيل المثال في حوادث السير و ما تخلفه من أضرار على مستوى البشر و ما يحيط به.فالتخطيط للمدينة بهذه الذهنية و هذا المستوى من التخيل لا يأخذ بعين الاعتبار المدى الزمني المتوسط و البعيد و الازدياد المحتمل للسكان و مستعملي تلك الطرق. نلمس هنا حاجتنا لتلك الحيلة التي لا صلة لها بالطرق الملتوية المبنية على الخداع و الكذب و النفاق و إنما تلك الطريقة التي نبغي بها توفير المجهود و المشقة في اختيار الحلول المثلى، ومفهوم الحيلة لا يعني كما يتبادر إلى الذهن أنها تنكب على تلك الأساليب من الكذب والنفاق لخداع خصم ما، بل على العكس من ذلك،الحيلة في معناها الأصلي تدل على توفير الجهد والمشاق على الإنسان . في اتجاه آخر نرى أن المعضلات الاقتصادية الناتجة عن مجموعة عوامل بنيوية في الاقتصاد الوطني،و أخرى متعلقة ضرورة بما هو عالمي لابد للحكومة و المؤسسات المعنية من نهج الحيلة كوسيلة من أجل التغلب على المعوقات التي من الممكن أن تؤثر على السلم و الإستقرار و الأمن المعيشي للشعب فبالواجب الأخلاقي و السياسي يمكن نهج طريقا للبحث عما يقلل من أسباب التوتر الكثيرة التي تؤرق الساكنة بدل الهروب إلى الأمام و خلق أوهام حروب و مسابقات حول اكبر عدد من التصريحات و اكبر عدد من المفرقعات الإعلامية و الاشتباكات مع طواحين الهواء. إن الوصول إلى الأهداف والغايات يتطلب كل أدوات الحيلة متمثلة في الحِذق و المهارة في التعاطي مع المشاكل المتنوعة بنهج الإقناع بدل الإكراه بجميع أشكاله،وبالتالي لابد من تضافر الجهود في صياغة القوانين المنظمة للفعل الإنساني بكل تنويعاته الصادرة عن المؤسسة التشريعية التي بالضرورة القصوى يجب ابتعادها عن الحسابات الضيقة و السياسوية ،و استحضار البعد الحقيقي للمشرع المتمثل في مسؤوليته عن الأمن القومي في حدود اختصاصاته.وذلك بالإنكباب الجدي على ما من شأنه إعطاء تلك المؤسسة التمثيلية الحيوية والحجة التاريخية و الأخلاقية و التشريعية لتفعيل دورها الحقيقي في المراقبة و صناعة القوانين. عند الحديث عن الأبعاد الحقيقية للحيلة كمنهج عملي و فعال في تجنب المطبات و الكوارث ،جيد أن نتحدث عن قضية الصحراء المغربية كمشكلة اتخذت منعرجات كثيرة و تناوب على ملفها مجموعة من الدبلوماسيين سواء المغاربة أو الأجانب و تعاطت معه أكبر الأدمغة و أيضا أخس النفوس و أخبثها بحكم أن هذا الملف اتخذ بعدا دوليا. و كان لابد من إتباع أساليب متعددة في التعاطي معه حتى يصل إلى مربع مقترح الحكم الذاتي، و هذا المسار المتبع كان لابد من إدخاله في إطار الحيلة و إن كانت لها مثالبها إلا أنها حققت بعضا من الحل من أجل تحقيق الهدف المرجو المتمثل في أمن المملكة و استقرارها. هناك مسألة في غاية الأهمية و هي أن الحرية يمكن اعتبارها حيلة فعالة في تخفيف الاحتقانات و توجيه الدفة في اتجاه تأسيس بنيات و لبنات متميزة في الحد من الفساد،ذلك لأن الحرية المسؤولة تكبح إهدار مقدرات و خيرات الشعب بالضغط في اتجاه حماتها. أيضا علاقة مفهوم الحيلة الجدلية مع الثقافة و نوعية التعليم الجيد و ما يترتب على هذه العلاقة من أدوار هامة في استئصال الجهل و تفكيك الخوف،بسلك الطريق قدما في اتجاه مستقبل متحرك بسواعد و عقول أبنائه. عندما نتمعن في الميكانزمات المحركة للحيلة داخل دواليب صنع القرار على جميع المستويات،نرى أنها تختلف بحسب النظرة للحيلة و من حيث المعطيات المتوفرة و مدى إعمال الفهم العميق لمجريات الأمور و كيفية التعامل مع المعلومات و حسابات السلطة. فليس من الحكمة عندما نكون في مركب واحد أن نلقي مسؤولية تشقق في إحدى الألواح على أحد الركاب أو الربابنة بل الأَوْلَى الإنكباب على البحث عن حيلة مبتكرة و ناجعة للخروج من المأزق و إلا السفينة ستغرق بالجميع و سوف نلقي بالمسؤولية آنذاك على البحر الذي لا يرحم
|
|
3190 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|